فصل : رأيت في كلام ما يشهد لما قدمته فقال في تفسيره عند قوله تعالى : ( الإمام أبي عبد الله بن أبي الفضل المرسي ياأهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم ) ما نصه : لما قال الفريقان إن إبراهيم على دينهما رد عليهما وأخبر أنه على الإسلام ، قال : فإن قيل : ؟ قيل : القرآن أخبر بذلك وما أخبرت كتبهم بما ادعوا . كيف يكون على الإسلام وهو أيضا نازل بعده
فإن قيل : إن أريد بكون إبراهيم مسلما كونه موافقا لهم في الأصول ، فهو أيضا موافق لليهود والنصارى الذين كانوا على ما جاء به موسى وعيسى في الأصول فإن جميع الأنبياء متوافقون في الأصول ، وإن أريد به في الفروع فيكون النبي صلى الله عليه وسلم مقررا لا شارعا ، وأيضا فإن التقيد بالقرآن ما جاء موجودا في زمان إبراهيم ، فتلاوته مشروعة في صلاتنا ، وغير مشروعة في صلاتهم .
قيل : أريد الفروع ، ويكون النبي صلى الله عليه وسلم شارعا لا مقررا ; لأن الله نسخ شريعة إبراهيم بشريعة موسى وعيسى ثم نسخ محمد صلى الله عليه وسلم شريعتهم فكان صاحب شريعة لذلك ، ثم لما كان موافقا في الأكثر وإن خالفه في الأقل لم يقدح ذلك في الموافقة ، انتهى كلام المرسي وهو سؤال حسن وجواب نفيس .