[ ص: 33 ] ( وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به والله أعلم بما كانوا يكتمون )
وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به ) . قوله تعالى : (
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قالوا : نزلت هذه الآية في ناس من اليهود كانوا يدخلون على الرسول عليه الصلاة والسلام ويظهرون له الإيمان نفاقا ، فأخبره الله عز وجل بشأنهم وأنهم يخرجون من مجلسك كما دخلوا لم يتعلق بقلبهم شيء من دلائلك وتقريراتك ونصائحك وتذكيراتك .
المسألة الثانية : الباء في قوله : ( دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به ) يفيد بقاء الكفر معهم حالتي الدخول والخروج من غير نقصان ولا تغيير فيه ألبتة ، كما تقول : دخل زيد بثوبه وخرج به ، أي بقي ثوبه حال الخروج كما كان حال الدخول .
المسألة الثالثة : ذكر عند الدخول كلمة : " قد " فقال : ( وقد دخلوا بالكفر ) وذكر عند الخروج كلمة " هم " فقال : ( وهم قد خرجوا به ) قالوا : الفائدة في ذكر كلمة " قد " تقريب الماضي من الحال ، والفائدة في ذكر كلمة " هم " التأكيد في إضافة الكفر إليهم ، ونفي أن يكون من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك فعل ، أي لم يسمعوا منك يا محمد عند جلوسهم معك ما يوجب كفرا ، فتكون أنت الذي ألقيتهم في الكفر ، بل هم الذين خرجوا بالكفر باختيار أنفسهم .
المسألة الرابعة : قالت المعتزلة : إنه تعالى أضاف الكفر إليهم حالتي الدخول والخروج على سبيل الذم ، وبالغ في تقرير تلك الإضافة بقوله : ( وهم قد خرجوا به ) فدل هذا على أنه من العبد لا من الله .
والجواب : المعارضة بالعلم والداعي .
ثم قال تعالى : ( والله أعلم بما كانوا يكتمون ) والغرض منه المبالغة فيما في قلوبهم من الجد والاجتهاد في المكر بالمسلمين والكيد بهم والبغض والعداوة لهم .