الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الرابعة : لو حكم عدلان بمثل ، وحكم عدلان آخران بمثل آخر ، فيه وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : [ ص: 78 ] يتخير .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : يأخذ بالأغلظ .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : قال بعض مثبتي القياس : دلت الآية على أن العمل بالقياس والاجتهاد جائز ؛ لأنه تعالى فوض تعيين المثل إلى اجتهاد الناس وظنونهم ، وهذا ضعيف لأنه لا شك أن الشارع تعبدنا بالعمل بالظن في صور كثيرة . منها : الاجتهاد في القبلة ، ومنها : العمل بشهادة الشاهدين ، ومنها : العمل بتقويم المقومين في قيم المتلفات وأروش الجنايات ، ومنها : العمل بتحكيم الحكام في تعيين مثل المصيد المقتول ، كما في هذه الآية ، ومنها : عمل العامي بالفتوى ، ومنها : العمل بالظن في مصالح الدنيا ، إلا أنا نقول : إن ادعيتم أن تشبيه صورة شرعية بصورة شرعية في الحكم الشرعي هو عين هذه المسائل التي عددناها ، فذلك باطل في بديهة العقل ، وإن سلمتم المغايرة لم يلزم من كون الظن حجة في تلك الصور كونه حجة في مسألة القياس ، إلا إذا قسنا هذه المسألة على تلك المسائل ، وذلك يقتضي إثبات القياس بالقياس ، وهو باطل .

                                                                                                                                                                                                                                            وأيضا فالفرق ظاهر بين البابين ؛ لأن في جميع الصور المذكورة الحكم إنما ثبت في حق شخص واحد في زمان واحد في واقعة واحدة ، وأما الحكم الثابت بالقياس فإنه شرع عام في حق جميع المكلفين باق على وجه الدهر ، والتنصيص على أحكام الأشخاص الجزئية متعذر ، وأما التنصيص على الأحكام الكلية والشرائع العامة الباقية إلى آخر الدهر غير متعذر ، فظهر الفرق والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية