الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله : ( أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون ) فنقول : فيه بحثان :

                                                                                                                                                                                                                                            البحث الأول : قرأ ابن كثير : " أينكم " بهمزة وكسرة بعدها خفيفة مشبهة ياء ساكنة بلا مد ، وأبو عمرو وقالون عن نافع كذلك إلا أنه يمد والباقون بهمزتين بلا مد .

                                                                                                                                                                                                                                            والبحث الثاني : أن هذا استفهام معناه الجحد والإنكار . قال الفراء : ولم يقل آخر لأن الآلهة جمع والجمع يقع عليه التأنيث كما قال : ( ولله الأسماء الحسنى ) [ الأعراف : 180 ] وقال : ( فما بال القرون الأولى ) [ طه : 51 ] ولم يقل الأول ولا الأولين وكل ذلك صواب .

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( قل لا أشهد قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون )

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن هذا الكلام دال على إيجاب التوحيد والبراءة عن الشرك من ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                            أولها : قوله : ( قل لا أشهد ) أي لا أشهد بما تذكرونه من إثبات الشركاء .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : قوله : ( قل إنما هو إله واحد ) وكلمة : " إنما " تفيد الحصر ، ولفظ الواحد صريح في التوحيد ونفي الشركاء .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : قوله : ( وإنني بريء مما تشركون ) وفيه تصريح بالبراءة عن إثبات الشركاء . فثبت دلالة هذه الآية على إيجاب التوحيد بأعظم طرق البيان وأبلغ وجوه التأكيد . قال العلماء : المستحب لمن أسلم ابتداء أن يأتي بالشهادتين ويتبرأ من كل دين سوى دين الإسلام . ونص الشافعي رحمه الله على استحباب ضم التبري إلى الشهادة لقوله : ( وإنني بريء مما تشركون ) عقيب التصريح بالتوحيد .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية