ثم قال : ( فيكشف ما تدعون إليه    ) أي فيكشف الضر الذي من أجله دعوتم وتنسون ما تشركون به ، وفيه وجوه : 
الأول : قال  ابن عباس    : المراد تتركون الأصنام ولا تدعونهم لعلمكم أنها لا تضر ولا تنفع . 
الثاني : قال الزجاج    : يجوز أن يكون المعنى أنكم في ترككم دعاءهم بمنزلة من قد نسيهم ، وهذا قول الحسن  لأنه قال : يعرضون إعراض الناسي ، ونظيره قوله تعالى : ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله    ) [ يونس : 22 ] ولا يذكرون الأوثان . 
المسألة الرابعة : هذه الآية تدل على أنه تعالى قد يجيب الدعاء إن شاء وقد لا يجيبه  ، لأنه تعالى قال : ( فيكشف ما تدعون إليه إن شاء    ) ولقائل أن يقول : إن قوله : ( ادعوني أستجب لكم    ) [ غافر : 60 ] يفيد الجزم بحصول الإجابة ، فكيف الطريق إلى الجمع بين الآيتين . 
والجواب أن نقول : تارة يجزم تعالى بالإجابة وتارة لا يجزم ، إما بحسب محض المشيئة كما هو قول أصحابنا ، أو بحسب رعاية المصلحة كما هو قول المعتزلة  ، ولما كان كلا الأمرين حاصلا لا جرم وردت الآيتان على هذين الوجهين . 
المسألة الخامسة : حاصل هذا الكلام كأنه تعالى يقول لعبدة الأوثان : إذا كنتم ترجعون عند نزول الشدائد إلى الله تعالى لا إلى الأصنام والأوثان ، فلم تقدمون على عبادة الأصنام التي لا تنتفعون بعبادتها ألبتة ؟ وهذا الكلام إنما يفيد لو كان ذكر الحجة والدليل مقبولا . أما لو كان ذلك مردودا وكان الواجب هو محض التقليد ، كان هذا الكلام ساقطا ، فثبت أن هذه الآية أقوى الدلائل على أن أصل الدين هو الحجة والدليل . والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					