المسألة الثالثة : هذه الآية كما تدل على وجود إله العالم الفاعل المختار ، فهي أيضا تدل على صحة البعث والقيامة ، وذلك لأن الإنسان كان عدما محضا فأوجده الله ، ثم أعدمه مرة ثانية ، فدل هذا على أنه لما كان معدوما في المرة الأولى ، وكان عوده إلى العدم في المرة الثانية جائزا ، فكذلك لما صار موجودا ، ثم عدم - وجب أن يكون عوده إلى الوجود في المرة الثانية جائزا ، وأيضا كان ميتا حين كان نطفة ، ثم صار حيا ، ثم مات . فلما كان الموت الأول جائزا كان عود الموت جائزا ، فكذلك لما كانت الحياة الأولى جائزة ، وجب أن يكون عود الحياة جائزا في المرة الثانية ، وأيضا الإنسان في أول طفوليته جاهل لا يعرف شيئا ، ثم صار عالما عاقلا فاهما ، فلما بلغ أرذل العمر عاد إلى ما كان عليه في زمان الطفولية ، وهو عدم العقل والفهم ، فعدم العقل والفهم في المرة الأولى عاد بعينه في آخر العمر . فكذلك العقل الذي حصل ثم زال - وجب أن يكون جائز العود في المرة الثانية ، وإذا ثبتت هذه الجملة ثبت أن الذي مات وعدم فإنه يجوز عود وجوده ، وعود حياته ، وعود عقله مرة أخرى . ومتى كان الأمر كذلك ، ثبت أن ، والله أعلم . القول بالبعث والحشر والنشر حق