الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الخامسة : أجمعوا على أن عند ذكر كلمة الكفر يجب عليه أن يبرئ قلبه من الرضا به وأن يقتصر على التعريضات ، مثل أن يقول : إن محمدا كذاب ، ويعني عند الكفار ، أو يعني به محمدا آخر ، أو يذكره على نية الاستفهام بمعنى الإنكار ، وههنا بحثان :

                                                                                                                                                                                                                                            البحث الأول : أنه إذا أعجله من أكرهه عن إحضار هذه النية أو لأنه لما عظم خوفه زال عن قلبه ذكر [ ص: 98 ] هذه النية كان ملوما ، وعفو الله متوقع .

                                                                                                                                                                                                                                            البحث الثاني : لو ضيق المكره الأمر عليه ، وشرح له كل أقسام التعريضات ، وطلب منه أن يصرح بأنه ما أراد شيئا منها ، وما أراد إلا ذلك المعنى ، فههنا يتعين إما التزام الكذب ، وإما تعريض النفس للقتل . فمن الناس من قال : يباح له الكذب هنا ، ومنهم من يقول : ليس له ذلك وهو الذي اختاره القاضي . قال : لأن الكذب إنما يقبح لكونه كذبا ، فوجب أن يقبح على كل حال ، ولو جاز أن يخرج عن القبيح لرعاية بعض المصالح لم يمنع أن يفعل الله الكذب لرعاية بعض المصالح ، وحينئذ لا يفي وثوق بوعد الله تعالى ولا بوعيده ؛ لاحتمال أنه فعل ذلك الكذب لرعاية بعض المصالح التي لا يعرفها إلا الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية