واعلم أنه تعالى لما ذكر هذه الجملة فعند هذا الذكر كلف الإنسان في بخمسة أشياء : حق الوالدين
النوع الأول : قوله تعالى : ( فلا تقل لهما أف ) وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قال الزجاج : فيه سبع لغات : كسر الفاء وضمها وفتحها ، وكل هذه الثلاثة بتنوين وبغير تنوين فهذه ستة واللغة السابعة أفي بالياء قال الأخفش : كأنه أضاف هذا القول إلى نفسه فقال : قولي هذا ، وذكر من لغات هذه اللفظة ثلاثة زائدة على ما ذكره ابن الأنباري الزجاج : " إف " بكسر الألف وفتح الفاء وأفه بضم الألف وإدخال الهاء و " أف " بضم الألف وتسكين الفاء .
المسألة الثانية : قرأ ابن كثير وابن عامر : بفتح الفاء من غير تنوين ، ونافع وحفص : بكسر الفاء والتنوين ، والباقون : بكسر الفاء من غير تنوين وكلها لغات ، وعلى هذا الخلاف في سورة الأنبياء ( أف لكم ) [ الأنبياء : 67 ] وفي الأحقاف : ( أف لكما ) [ الأحقاف : 17 ] وأقول : البحث المشكل ههنا أنا لما نقلنا عشرة أنواع من اللغات في هذه اللفظة ، فما السبب في أنهم تركوا أكثر تلك اللغات في قراءة هذه اللفظة ، واقتصروا على وجوه قليلة منها ؟
المسألة الثالثة : ذكروا في تفسير هذه اللفظة وجوها :
الأول : قال الفراء : تقول العرب : جعل فلان يتأفف من ريح وجدها ، معناه يقول : أف أف .
الثاني : قال : الأف وسخ الأذن والتف وسخ الظفر ; يقال ذلك عند استقذار الشيء ، ثم كثر حتى استعملوا عند كل ما يتأذون به . الأصمعي
الثالث : قال بعضهم أف معناه قلة ، وهو مأخوذ من الأفيف وهو الشيء القليل وتف إتباع له ، كقولهم : شيطان ليطان خبيث نبيث .
الرابع : روى ثعلب عن : الأف الضجر . ابن الأعرابي
الخامس : قال القتبي : هذه الكلمة أنه إذا سقط عليك تراب أو رماد نفخت فيه لتزيله والصوت الحاصل عند تلك النفخة هو قولك " أف " ، ثم إنهم توسعوا فذكروا هذه اللفظة عند كل مكروه يصل إليهم . أصل
السادس : قال الزجاج : " أف " معناه النتن وهذا قول مجاهد ، لأنه قال معنى قوله : ( فلا تقل لهما أف ) أي : لا تتقذرهما كما أنهما لم يتقذراك حين كنت تخرى أو تبول ، وفي رواية أخرى عن مجاهد أنه إذا وجدت منهما رائحة تؤذيك فلا تقل لهما أف .