ثم قال تعالى : ( سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : لما أقام الدليل القاطع على كونه منزها عن الشركاء . وعلى أن القول بإثبات الآلهة قول باطل ، أردفه بما يدل على تنزيهه عن هذا القول الباطل فقال : ( سبحانه ) وقد ذكرنا أن عما لا يليق به ، ثم قال : ( التسبيح عبارة عن تنزيه الله تعالى وتعالى ) والمراد من هذا التعالي الارتفاع وهو العلو ، وظاهر أن المراد من هذا التعالي ليس هو التعالي في المكان والجهة ، لأن التعالي عن الشريك والنظير والنقائص والآفات لا يمكن تفسيره بالتعالي بالمكان والجهة ، فعلمنا أن لفظ التعالي في حق الله تعالى غير مفسر بالعلو بحسب المكان والجهة .
المسألة الثانية : جعل العلو مصدر التعالي فقال تعالى : ( علوا كبيرا ) وكان يجب أن يقال تعالى تعاليا كبيرا إلا أن نظيره قوله تعالى : ( والله أنبتكم من الأرض نباتا ) [ نوح : 17 ] .
فإن قيل : ما الفائدة في وصف ذلك العلو بالكبير ؟
قلنا : لأن المنافاة بين ذاته وصفاته سبحانه وبين ثبوت الصاحبة والولد والشركاء والأضداد والأنداد منافاة بلغت في القوة والكمال إلى حيث لا تعقل الزيادة عليها ، لأن المنافاة بين الواجب لذاته والممكن لذاته ، وبين القديم والمحدث ، وبين الغني والمحتاج منافاة لا تعقل الزيادة عليها فلهذا السبب وصف الله تعالى ذلك العلو بالكبير .