الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا ) وفيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : لما أقام الدليل القاطع على كونه منزها عن الشركاء . وعلى أن القول بإثبات الآلهة قول باطل ، أردفه بما يدل على تنزيهه عن هذا القول الباطل فقال : ( سبحانه ) وقد ذكرنا أن التسبيح عبارة عن تنزيه الله تعالى عما لا يليق به ، ثم قال : ( وتعالى ) والمراد من هذا التعالي الارتفاع وهو العلو ، وظاهر أن المراد من هذا التعالي ليس هو التعالي في المكان والجهة ، لأن التعالي عن الشريك والنظير والنقائص والآفات لا يمكن تفسيره بالتعالي بالمكان والجهة ، فعلمنا أن لفظ التعالي في حق الله تعالى غير مفسر بالعلو بحسب المكان والجهة .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : جعل العلو مصدر التعالي فقال تعالى : ( علوا كبيرا ) وكان يجب أن يقال تعالى تعاليا كبيرا إلا أن نظيره قوله تعالى : ( والله أنبتكم من الأرض نباتا ) [ نوح : 17 ] .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قيل : ما الفائدة في وصف ذلك العلو بالكبير ؟

                                                                                                                                                                                                                                            قلنا : لأن المنافاة بين ذاته وصفاته سبحانه وبين ثبوت الصاحبة والولد والشركاء والأضداد والأنداد منافاة بلغت في القوة والكمال إلى حيث لا تعقل الزيادة عليها ، لأن المنافاة بين الواجب لذاته والممكن لذاته ، وبين القديم والمحدث ، وبين الغني والمحتاج منافاة لا تعقل الزيادة عليها فلهذا السبب وصف الله تعالى ذلك العلو بالكبير .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية