الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله : ( حنيفا ) ففيه مسألتان :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : لأهل اللغة في الحنيف قولان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن الحنيف هو المستقيم ، ومنه قيل للأعرج : أحنف ، تفاؤلا بالسلامة ، كما قالوا للديغ : سليم ، وللمهلكة : مفازة ، قالوا : فكل من أسلم لله ولم ينحرف عنه في شيء فهو حنيف ، وهو مروي عن محمد بن كعب القرظي .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن الحنيف المائل ، لأن الأحنف هو الذي يميل كل واحد من قدميه إلى الأخرى بأصابعها ، وتحنف إذا مال ، فالمعنى أن إبراهيم عليه السلام حنف إلى دين الله ، أي مال إليه ، فقوله : ( بل ملة إبراهيم حنيفا ) أي مخالفا لليهود والنصارى منحرفا عنهما ، وأما المفسرون فذكروا عبارات :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : قول ابن عباس والحسن ومجاهد : أن الحنيفية حج البيت .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : أنها اتباع الحق ، عن مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : اتباع إبراهيم في شرائعه التي هي شرائع الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                                            ورابعها : إخلاص العمل وتقديره : بل نتبع ملة إبراهيم التي هي التوحيد عن الأصم قال القفال : وبالجملة فالحنيف لقب لمن دان بالإسلام كسائر ألقاب الديانات ، وأصله من إبراهيم عليه السلام .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : في نصب حنيفا قولان :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدهما : قول الزجاج أنه نصب على الحال من إبراهيم كقولك : رأيت وجه هند قائمة .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أنه نصب على القطع أراد بل ملة إبراهيم الحنيف فلما سقطت الألف واللام لم تتبع النكرة المعرفة فانقطع منه فانتصب ، قاله نحاة الكوفة .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية