الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            البحث الثالث : احتجوا على أن الكواكب الثابتة مركوزة في فلك فوق أفلاك هذه الكواكب السبعة ، [ ص: 165 ] فقالوا : شاهدنا لهذه الأفلاك السبعة حركات أسرع من حركات هذه الثوابت ، وثبت أن الكواكب لا تتحرك إلا بحركة الفلك ، وهذا يقتضي كون هذه الثوابت مركوزة في كرة سوى هذه السبعة ، ولا يجوز أن تكون مركوزة في الفلك الأعظم ؛ لأنه سريع الحركة ، يدور في كل يوم وليلة دورة واحدة بالتقريب ، ثم قالوا : إنها مركوزة في كرة فوق كرات هذه السبعة ؛ لأن هذه الكواكب السبعة قد تكسف تلك الثوابت ، والكاسف تحت المكسوف ، فكرات هذه السبعة وجب أن تكون دون كرات الثوابت .

                                                                                                                                                                                                                                            وهذا الطريق أيضا ضعيف من وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أنا لا نسلم أن الكوكب لا يتحرك إلا بحركة فلكية ، وهم إنما بنوا على امتناع الخرق على الأفلاك ، ونحن قد بينا ضعف دلائلهم على ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : سلمنا أنه لا بد لهذه الثوابت من كرات أخرى إلا أن مذهبكم أن كل كرة من هذه الكرات السبعة تنقسم إلى أقسام كثيرة ، ومجموعها هو الفلك الممثل ، وأن هذه الممثلة بطيئة الحركة على وفق حركة كرة الثوابت ، فلم لا يجوز أن يقال : هذه الثوابت مركوزة في هذه الممثلات البطيئة الحركة ، فأما السيارات فإنها مركوزة في الحوامل التي هي أفلاك خارجة المركز ، وعلى هذا التقدير لا حاجة إلى إثبات كرة الثوابت .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : هب أنه لا بد من كرة أخرى فلم لا يجوز أن يكون هناك كرتان إحداهما فوق كرة زحل ، والأخرى دون كرة القمر ؛ وذلك لأن هذه السيارات لا تمر إلا بالثوابت الواقعة في ممر تلك السيارات ، فأما الثوابت المقاربة للقطبين فإن السيارات لا تمر بشيء منها ولا تكسفها ، فالثوابت التي تنكسف بهذه السيارات هب أنا حكمنا بكونها مركوزة في كرة فوق كرة زحل ، أما التي لا تنكسف بهذه السيارات فكيف نعلم أنها ليست دون السيارات ، فثبت أن الذي قالوه غير برهاني ، بل احتمالي .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية