أما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140nindex.php?page=treesubj&link=28973_31852_32428_31931_29434ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله ) ففيه ثلاثة أوجه .
أحدها : أن في الآية تقديما وتأخيرا والتقدير : ومن أظلم عند الله ممن كتم شهادة حصلت عنده كقولك : ومن أظلم من زيد من جملة الكاتمين للشهادة والمعنى : لو كان
إبراهيم وبنوه هودا أو نصارى ، ثم إن الله كتم هذه الشهادة لم يكن أحد ممن يكتم شهادة أظلم منه لكن لما استحال ذلك مع عدله وتنزهه عن الكذب ، علمنا أنه ليس الأمر كذلك .
وثانيها : ومن أظلم منكم معاشر
اليهود والنصارى إن كتمتم هذه الشهادة من الله فمن في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140من الله ) تتعلق بالكاتم على القول الأول وبالمكتوم منه على القول الثاني كأنه قال : ومن أظلم ممن عنده شهادة فلم يقمها عند الله بل كتمها وأخفاها .
وثالثها : أن يكون : "من" في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140من الله ) صلة الشهادة والمعنى : ومن أظلم ممن
nindex.php?page=treesubj&link=16071كتم شهادة جاءته من عند الله فجحدها كقول الرجل لغيره : عندي شهادة منك ، أي شهادة سمعتها منك وشهادة جاءتني من جهتك ومن عندك .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=28973_28781قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140وما الله بغافل عما تعملون ) فهو الكلام الجامع لكل وعيد ، ومن تصور أنه تعالى عالم بسره وإعلانه ولا يخفى عليه خافية أنه من وراء مجازاته إن خيرا فخير وإن شرا فشر لا يمضي عليه طرفة عين إلا وهو حذر خائف ألا ترى أن أحدنا لو كان عليه رقيب من جهة سلطان يعد عليه الأنفاس لكان دائم الحذر والوجل مع أن ذلك الرقيب لا يعرف إلا الظاهر فكيف بالرب الرقيب الذي يعلم السر وأخفى إذا هدد وأوعد بهذا الجنس من القول .
أَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140nindex.php?page=treesubj&link=28973_31852_32428_31931_29434وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ ) فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ .
أَحَدُهَا : أَنَّ فِي الْآيَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَالتَّقْدِيرُ : وَمَنْ أَظْلَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً حَصَلَتْ عِنْدَهُ كَقَوْلِكَ : وَمَنْ أَظْلَمُ مِنْ زَيْدٍ مِنْ جُمْلَةِ الْكَاتِمِينَ لِلشَّهَادَةِ وَالْمَعْنَى : لَوْ كَانَ
إِبْرَاهِيمُ وَبَنُوهُ هُودًا أَوْ نَصَارَى ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ كَتَمَ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِمَّنْ يَكْتُمُ شَهَادَةً أَظْلَمَ مِنْهُ لَكِنْ لَمَّا اسْتَحَالَ ذَلِكَ مَعَ عَدْلِهِ وَتَنَزُّهِهِ عَنِ الْكَذِبِ ، عَلِمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ .
وَثَانِيهَا : وَمَنْ أَظْلَمُ مِنْكُمْ مَعَاشِرَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إِنْ كَتَمْتُمْ هَذِهِ الشَّهَادَةَ مِنَ اللَّهِ فَمِنْ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140مِنَ اللَّهِ ) تَتَعَلَّقُ بِالْكَاتِمِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَبِالْمَكْتُومِ مِنْهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي كَأَنَّهُ قَالَ : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ فَلَمْ يُقِمْهَا عِنْدَ اللَّهِ بَلْ كَتَمَهَا وَأَخْفَاهَا .
وَثَالِثُهَا : أَنْ يَكُونَ : "مِنْ" فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140مِنَ اللَّهِ ) صِلَةَ الشَّهَادَةِ وَالْمَعْنَى : وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16071كَتَمَ شَهَادَةً جَاءَتْهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَجَحَدَهَا كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِغَيْرِهِ : عِنْدِي شَهَادَةٌ مِنْكَ ، أَيْ شَهَادَةٌ سَمِعْتُهَا مِنْكَ وَشَهَادَةٌ جَاءَتْنِي مِنْ جِهَتِكَ وَمِنْ عِنْدِكَ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28973_28781قَوْلُهُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=140وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) فَهُوَ الْكَلَامُ الْجَامِعُ لِكُلِّ وَعِيدٍ ، وَمَنْ تَصَوَّرَ أَنَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِسِرِّهِ وَإِعْلَانِهِ وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ أَنَّهُ مِنْ وَرَاءِ مُجَازَاتِهِ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ لَا يَمْضِي عَلَيْهِ طَرْفَةُ عَيْنٍ إِلَّا وَهُوَ حَذِرٌ خَائِفٌ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَنَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ رَقِيبٌ مِنْ جِهَةِ سُلْطَانٍ يَعُدُّ عَلَيْهِ الْأَنْفَاسَ لَكَانَ دَائِمَ الْحَذَرِ وَالْوَجَلِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّقِيبَ لَا يَعْرِفُ إِلَّا الظَّاهِرَ فَكَيْفَ بِالرَّبِّ الرَّقِيبِ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى إِذَا هَدَّدَ وَأَوْعَدَ بِهَذَا الْجِنْسِ مِنَ الْقَوْلِ .