الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله : ( فلنولينك قبلة ترضاها ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : ( فلنولينك ) فلنعطينك ولنمكننك من استقبالها ، من قولك وليته كذا ، إذا جعلته واليا ، أو فلنجعلنك تلي سمتها دون سمت بيت المقدس .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : قوله : ( ترضاها ) فيه وجوه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : ترضاها تحبها وتميل إليها ؛ لأن الكعبة كانت أحب إليه من غيرها بحسب ميل الطبع ، قال القاضي : هذا لا يجوز فإنه من المحال أن يقول الله تعالى : فلنولينك قبلة يميل طبعك إليها ؛ لأن ذلك يقدح في حكمته تعالى فيما يكلف ، ويقدح في حال النبي - عليه الصلاة والسلام - فيما يريده في حال التكليف ، وهذا الاعتراض ضعيف ؛ لأن الطعن إنما يتوجه لو قال الله تعالى : إنا حولناك إلى القبلة التي مال طبعك إليها بمجرد ميل طبعك ، فأما لو قال : إنا حولناك إلى القبلة التي مال طبعك إليها لأجل أن الحكمة والمصلحة وافقت ميل طبعك فأي ضرر يلزم منه! وقال - عليه الصلاة والسلام - : " وجعلت قرة عيني في الصلاة " فكان طبعه يميل إلى الصلاة مع أن المصلحة كانت موافقة لذلك .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : ( قبلة ترضاها ) أي : تحبها بسبب اشتمالها على المصالح الدينية . وثالثها : قال الأصم : أي كل جهة وجهك الله إليها فهي لك رضا لا يجوز أن تسخط ، كما فعل من انقلب على عقبيه من العرب الذين كانوا قد أسلموا ، فلما تحولت القبلة ارتدوا . ورابعها : ( ترضاها ) أي : ترضى عاقبتها لأنك تعرف بها من يتبعك للإسلام ، فمن يتبعك لغير ذلك من دنيا يصيبها أو مال يكتسبه .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية