أما فلنولينك قبلة ترضاها ) ففيه مسائل : قوله : (
المسألة الأولى : ( فلنولينك ) فلنعطينك ولنمكننك من استقبالها ، من قولك وليته كذا ، إذا جعلته واليا ، أو فلنجعلنك تلي سمتها دون سمت بيت المقدس .
المسألة الثانية : قوله : ( ترضاها ) فيه وجوه :
أحدها : ترضاها تحبها وتميل إليها ؛ لأن الكعبة كانت أحب إليه من غيرها بحسب ميل الطبع ، قال القاضي : هذا لا يجوز فإنه من المحال أن يقول الله تعالى : فلنولينك قبلة يميل طبعك إليها ؛ لأن ذلك يقدح في حكمته تعالى فيما يكلف ، ويقدح في حال النبي - عليه الصلاة والسلام - فيما يريده في حال التكليف ، وهذا الاعتراض ضعيف ؛ لأن الطعن إنما يتوجه لو قال الله تعالى : إنا حولناك إلى القبلة التي مال طبعك إليها بمجرد ميل طبعك ، فأما لو قال : إنا حولناك إلى القبلة التي مال طبعك إليها لأجل أن الحكمة والمصلحة وافقت ميل طبعك فأي ضرر يلزم منه! وقال - عليه الصلاة والسلام - : " " فكان طبعه يميل إلى الصلاة مع أن المصلحة كانت موافقة لذلك . وجعلت قرة عيني في الصلاة
وثانيها : ( قبلة ترضاها ) أي : تحبها بسبب اشتمالها على المصالح الدينية . وثالثها : قال الأصم : أي كل جهة وجهك الله إليها فهي لك رضا لا يجوز أن تسخط ، كما فعل من انقلب على عقبيه من العرب الذين كانوا قد أسلموا ، فلما تحولت القبلة ارتدوا . ورابعها : ( ترضاها ) أي : ترضى عاقبتها لأنك تعرف بها من يتبعك للإسلام ، فمن يتبعك لغير ذلك من دنيا يصيبها أو مال يكتسبه .