(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=167وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار )
قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=167وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار )
اعلم أنه تعالى لما بين حال من يتخذ من دون الله أندادا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب ) على طريق التهديد زاد في هذا الوعيد بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ) فبين أن الذين أفنوا عمرهم على عبادتهم واعتقدوا أنهم أوكد أسباب نجاتهم فإنهم يتبرءون منهم عند احتياجهم إليهم ، ونظيره قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=25يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ) [ العنكبوت : 25 ] وقال أيضا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=67الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) [ الزخرف : 67 ] وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38كلما دخلت أمة لعنت أختها ) [ الأعراف : 38 ] وحكى عن إبليس أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إني كفرت بما أشركتموني من قبل ) وههنا مسائل :
المسألة الأولى : في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166إذ تبرأ ) قولان :
الأول : أنه بدل من : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165إذ يرون العذاب ) .
الثاني : أن عامل الإعراب في ( إذ ) معنى (شديد) ، كأنه قال : هو شديد العذاب إذ تبرأ يعني في وقت التبرؤ .
المسألة الثانية : معنى الآية أن
nindex.php?page=treesubj&link=30311المتبوعين يتبرءون من الأتباع ذلك اليوم ، فبين تعالى ما لأجله يتبرءون منهم ، وهو عجزهم عن تخليصهم من العذاب الذي رأوه ؛ لأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166وتقطعت بهم الأسباب ) يدخل في معناه
[ ص: 190 ] أنهم لم يجدوا إلى تخليص أنفسهم وأتباعهم سببا ، والآيس من كل وجه يرجو به الخلاص مما نزل به وبأوليائه من البلاء يوصف بأنه تقطعت به الأسباب .
واختلفوا في المراد بهؤلاء المتبوعين على وجوه :
أحدها : أنهم السادة والرؤساء من مشركي الإنس ؛ عن
قتادة والربيع وعطاء .
وثانيها : أنهم شياطين الجن الذين صاروا متبوعين للكفار بالوسوسة ؛ عن
السدي .
وثالثها : أنهم شياطين الجن والإنس .
ورابعها : الأوثان الذين كانوا يسمونها بالآلهة .
والأقرب هو الأول ؛ لأن الأقرب في الذين اتبعوا أنهم الذين يصح منهم الأمر والنهي حتى يمكن أن يتبعوا ، وذلك لا يليق بالأصنام ، ويجب أيضا حملهم على السادة من الناس ؛ لأنهم الذين يصح وصفهم من عظمهم بأنهم يحبونهم كحب الله دون الشياطين ، ويؤكده قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=67إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل ) [ الأحزاب : 67 ] ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد الأول على البناء للفاعل ، والثاني على البناء للمفعول أي تبرأ الأتباع من الرؤساء .
المسألة الثانية : ذكروا في تفسير التبرؤ وجوها :
أحدها : أن يقع منهم ذلك بالقول .
وثانيها : أن يكون نزول العذاب بهم وعجزهم عن دفعهم عن أنفسهم فكيف عن غيرهم فتبرءوا .
وثالثها : أنه ظهر فيهم
nindex.php?page=treesubj&link=28766_29468الندم على ما كان منهم من الكفر بالله والإعراض عن أنبيائه ورسله ، فسمي ذلك الندم تبرؤا والأقرب هو الأول ؛ لأنه هو الحقيقة في اللفظ .
أما قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166ورأوا العذاب ) الواو للحال ، أي يتبرءون في حال رؤيتهم العذاب ، وهذا أولى من سائر الأقوال ؛ لأن في تلك الحالة يزداد الهول والخوف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=167وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ )
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=167وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ )
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ حَالَ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ ) عَلَى طَرِيقِ التَّهْدِيدِ زَادَ فِي هَذَا الْوَعِيدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ) فَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِينَ أَفْنَوْا عُمْرَهُمْ عَلَى عِبَادَتِهِمْ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُمْ أَوْكَدُ أَسْبَابِ نَجَاتِهِمْ فَإِنَّهُمْ يَتَبَرَّءُونَ مِنْهُمْ عِنْدَ احْتِيَاجِهِمْ إِلَيْهِمْ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=25يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ) [ الْعَنْكَبُوتِ : 25 ] وَقَالَ أَيْضًا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=67الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) [ الزُّخْرُفِ : 67 ] وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=38كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ) [ الْأَعْرَافِ : 38 ] وَحَكَى عَنْ إِبْلِيسَ أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ ) وَهَهُنَا مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166إِذْ تَبَرَّأَ ) قَوْلَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ ) .
الثَّانِي : أَنَّ عَامِلَ الْإِعْرَابِ فِي ( إِذْ ) مَعْنَى (شَدِيدُ) ، كَأَنَّهُ قَالَ : هُوَ شَدِيدُ الْعَذَابِ إِذْ تَبَرَّأَ يَعْنِي فِي وَقْتِ التَّبَرُّؤِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30311الْمَتْبُوعِينَ يَتَبَرَّءُونَ مِنَ الْأَتْبَاعِ ذَلِكَ الْيَوْمَ ، فَبَيَّنَ تَعَالَى مَا لِأَجْلِهِ يَتَبَرَّءُونَ مِنْهُمْ ، وَهُوَ عَجْزُهُمْ عَنْ تَخْلِيصِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ الَّذِي رَأَوْهُ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ) يَدْخُلُ فِي مَعْنَاهُ
[ ص: 190 ] أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا إِلَى تَخْلِيصِ أَنْفُسِهِمْ وَأَتْبَاعِهِمْ سَبَبًا ، وَالْآيِسُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ يَرْجُو بِهِ الْخَلَاصَ مِمَّا نَزَلَ بِهِ وَبِأَوْلِيَائِهِ مِنَ الْبَلَاءِ يُوصَفُ بِأَنَّهُ تَقَطَّعَتْ بِهِ الْأَسْبَابُ .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِهَؤُلَاءِ الْمَتْبُوعِينَ عَلَى وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّهُمُ السَّادَةُ وَالرُّؤَسَاءُ مِنْ مُشْرِكِي الْإِنْسِ ؛ عَنْ
قَتَادَةَ وَالرَّبِيعِ وَعَطَاءٍ .
وَثَانِيهَا : أَنَّهُمْ شَيَاطِينُ الْجِنِّ الَّذِينَ صَارُوا مَتْبُوعِينَ لِلْكُفَّارِ بِالْوَسْوَسَةِ ؛ عَنِ
السُّدِّيِّ .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُمْ شَيَاطِينُ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ .
وَرَابِعُهَا : الْأَوْثَانُ الَّذِينَ كَانُوا يُسَمُّونَهَا بِالْآلِهَةِ .
وَالْأَقْرَبُ هُوَ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَبَ فِي الَّذِينَ اتَّبَعُوا أَنَّهُمُ الَّذِينَ يَصِحُّ مِنْهُمُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ حَتَّى يُمْكِنَ أَنْ يُتَّبَعُوا ، وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِالْأَصْنَامِ ، وَيَجِبُ أَيْضًا حَمْلُهُمْ عَلَى السَّادَةِ مِنَ النَّاسِ ؛ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ يَصِحُّ وَصْفُهُمْ مِنْ عِظَمِهِمْ بِأَنَّهُمْ يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ دُونَ الشَّيَاطِينِ ، وَيُؤَكِّدُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=67إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ ) [ الْأَحْزَابِ : 67 ] ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ الْأَوَّلَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ ، وَالثَّانِي عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ تَبَرَّأَ الْأَتْبَاعُ مِنَ الرُّؤَسَاءِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ التَّبَرُّؤِ وُجُوهًا :
أَحَدَهَا : أَنْ يَقَعَ مِنْهُمْ ذَلِكَ بِالْقَوْلِ .
وَثَانِيهَا : أَنْ يَكُونَ نُزُولُ الْعَذَابِ بِهِمْ وَعَجْزُهُمْ عَنْ دَفْعِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَكَيْفَ عَنْ غَيْرِهِمْ فَتَبَرَّءُوا .
وَثَالِثُهَا : أَنَّهُ ظَهَرَ فِيهِمُ
nindex.php?page=treesubj&link=28766_29468النَّدَمُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ النَّدَمُ تَبَرُّؤًا وَالْأَقْرَبُ هُوَ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْحَقِيقَةُ فِي اللَّفْظِ .
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=166وَرَأَوُا الْعَذَابَ ) الْوَاوُ لِلْحَالِ ، أَيْ يَتَبَرَّءُونَ فِي حَالِ رُؤْيَتِهِمُ الْعَذَابَ ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ سَائِرِ الْأَقْوَالِ ؛ لِأَنَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يَزْدَادُ الْهَوْلُ وَالْخَوْفُ .