أما قوله : ( كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ) ففيه مسائل :
المسألة الأولى : في قوله : ( كذلك يريهم ) وجهان :
الأول : ، وذلك لانقطاع الرجاء من كل أحد . كتبرؤ بعضهم من بعض يريهم الله أعمالهم حسرات
الثاني : كما أراهم العذاب يريهم الله أعمالهم حسرات ؛ لأنهم أيقنوا بالهلاك .
المسألة الثانية : في المراد بالأعمال أقوال :
الأول : الطاعات ، يتحسرون لم ضيعوها ، عن السدي .
الثاني : المعاصي وأعمالهم الخبيثة ؛ عن الربيع وابن زيد يتحسرون لم عملوها .
الثالث : ثواب طاعاتهم التي أتوا بها فأحبطوه بالكفر عن الأصم .
الرابع : أعمالهم التي تقربوا بها إلى رؤسائهم من تعظيمهم والانقياد لأمرهم . والظاهر أن المراد ، وهو كفرهم ومعاصيهم ، وإنما تكون حسرة بأن رأوها في صحيفتهم ، وأيقنوا بالجزاء عليها ، وكان يمكنهم تركها والعدول إلى الطاعات ، وفي هذا الوجه الإضافة حقيقية ؛ لأنهم عملوها ، وفي الثاني مجاز بمعنى لزمهم فلم يقوموا به . الأعمال التي اتبعوا فيها السادة
المسألة الثالثة : حسرات ثالث مفاعيل رأى .
المسألة الرابعة : قال الزجاج : الحسرة شدة الندامة حتى يبقى النادم كالحسير من الدواب ، وهو الذي لا منفعة فيه ، يقال : حسر فلان يحسر حسرة وحسرا إذا اشتد ندمه على أمر فاته ، وأصل الحسر الكشف ، يقال : حسر عن ذراعيه أي كشف ، والحسرة انكشاف عن حال الندامة ، والحسور : الإعياء ؛ لأنه انكشاف الحال عما أوجبه طول السفر ، قال تعالى : ( ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون ) [ الأنبياء : 19 ] والمحسرة المكنسة ؛ لأنها تكشف عن الأرض ، والطير تنحسر ؛ لأنها تنكشف بذهاب الريش .