( 3102 ) فصل وروى  مسلم  عن  أبي هريرة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لا يسم الرجل على سوم أخيه   } ولا يخلو من أربعة أقسام : أحدها ، أن يوجد من البائع تصريح بالرضا بالبيع ، فهذا يحرم السوم على غير ذلك المشتري ، وهو الذي تناوله النهي . الثاني ، أن يظهر منه ما يدل على عدم الرضا فلا يحرم السوم ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم باع في من يزيد فروى  أنس :    { أن رجلا من الأنصار شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الشدة والجهد ، فقال له : أما بقي لك شيء ؟ فقال بلى ، قدح وحلس ، قال : فأتني بهما فأتاه بهما ، فقال من يبتاعهما ؟ فقال رجل : أخذتهما بدرهم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم من يزيد على درهم ؟ من يزيد على درهم ؟ فأعطاه رجل درهمين ، فباعهما منه .   } . رواه الترمذي  وقال : حديث حسن . وهذا أيضا إجماع المسلمين ، يبيعون في أسواقهم بالمزايدة . 
الثالث ، أن لا يوجد منه ما يدل على الرضا ولا على عدمه ، فلا يجوز له السوم أيضا ، ولا الزيادة ; استدلالا بحديث {  فاطمة بنت قيس ،  حين ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أن  معاوية   وأبا جهم  خطباها ، فأمرها أن تنكح  أسامة  وقد  [ ص: 150 ] نهى عن الخطبة على خطبة أخيه ، كما نهى عن السوم على سوم أخيه ،    } فما أبيح في أحدهما أبيح في الآخر . الرابع ، أن يظهر منه ما يدل على الرضا من غير تصريح ، فقال  القاضي    : لا تحرم المساومة . وذكر أن  أحمد  نص عليه في الخطبة ، استدلالا بحديث  فاطمة    . 
ولأن الأصل إباحة السوم والخطبة ، فحرم منع ما وجد فيه التصريح بالرضا ، وما عداه يبقى على الأصل . ولو قيل بالتحريم هاهنا ، لكان وجها حسنا ، فإن النهي عام خرجت منه الصور المخصوصة بأدلتها ، فتبقى هذه الصورة على مقتضى العموم . ولأنه وجد منه دليل الرضا ، أشبه ما لو صرح به ، ولا يضر اختلاف الدليل بعد التساوي في الدلالة ، وليس في حديث  فاطمة  ما يدل على الرضا ; لأنها جاءت مستشيرة للنبي صلى الله عليه وسلم وليس ذلك دليلا على الرضا ، فكيف ترضى وقد نهاها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : { لا تفوتينا بنفسك .   } فلم تكن تفعل شيئا قبل مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم والحكم في الفساد كالحكم في البيع على بيع أخيه ، في الموضع الذي حكمنا بالتحريم فيه . . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					