( 3463 ) فصل : ومتى لم يكن لأحد مطالبته وملازمته . وبهذا قال ثبت إعساره عند الحاكم ، وقال الشافعي : لغرمائه ملازمته من غير أن يمنعوه من الكسب ، فإذا رجع إلى بيته ، فأذن لهم في الدخول ، دخلوا معه ، وإلا منعوه من الدخول ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم { أبو حنيفة : لصاحب الحق اليد واللسان . }
ولنا ، أن من ليس لصاحب الحق مطالبته ، لم يكن له ملازمته ، كما لو كان دينه مؤجلا ، وقول الله تعالى { : فنظرة إلى ميسرة } .
ومن وجب إنظاره ، حرمت ملازمته ، كمن دينه مؤجل . والحديث فيه مقال . قاله . ثم نحمله على الموسر ، بدليل ما ذكرنا ، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لغرماء الذي أصيب في ثمار ابتاعها ، فكثر دينه : { ابن المنذر } رواه خذوا ما وجدتم ، وليس لكم إلا ذلك . مسلم ، والترمذي .
وإن فك الحجر عنه لم يكن لأحد مطالبته ، ولا ملازمته ، حتى يملك مالا ، فإن لم يلتفت إلى قولهم ، حتى يثبتوا سببه ، فإن جاءوا بعد مدة ، فادعوا أن في يده مالا ، أو ادعوا ذلك عقيب فك الحجر ، وبينوا سببه أحضره الحاكم وسأله ، فإن أنكر ، فالقول قوله مع يمينه ; لأنه ما فك الحجر عنه حتى لم يبق له شيء ، وإن أقر ، وقال : هو لفلان ، وأنا وكيله أو مضاربه . جاء الغرماء عقيب فك الحجر عنه ، فادعوا أن له مالا ،
وكان المقر له حاضرا ، سأله الحاكم ، فإن صدقه فهو له ، ويستحلفه الحاكم ، لجواز أن يكونا تواطأ على ذلك . ليدفع المطالبة عن المفلس . وإن قال : ما هو لي . عرفنا كذب المفلس ، فيصير كأنه قال : المال لي . فيعاد الحجر عليه إن طلب الغرماء ذلك . وإن أقر لغائب ، أقر في يديه حتى يحضر الغائب ، ثم يسأل ، كما حكمنا [ ص: 291 ] في الحاضر .
ومتى شارك غرماء الحجر الأول غرماء الحجر الثاني إلا أن الأولين يضربون ببقية ديونهم ، والآخرين يضربون بجميعها . وبهذا قال أعيد الحجر عليه لديون تجددت عليه ، وقال الشافعي لا يدخل غرماء الحجر الأول على هؤلاء الذين تجددت حقوقهم ، حتى يستوفوا ، إلا أن تكون له فائدة من ميراث ، أو يجنى عليه جناية ، فيتحاص الغرماء فيه . مالك
ولنا ، أنهم تساووا في ثبوت حقوقهم في ذمته ، فتساووا في الاستحقاق ، كالذين تثبت حقوقهم في حجر واحد ، وكتساويهم في الميراث وأرش الجناية ، ولأن مكسبه مال له ، فتساووا فيه ، كالميراث .