( 4559 ) فصل : فالعقل على بيت المال ; لأن ميراثه له ، ونفقته عليه . وإن جنى جناية لا تحملها العاقلة ، فحكمه فيها غير حكم اللقيط ; إن كانت توجب القصاص وهو بالغ عاقل ، اقتص منه ، وإن كانت موجبة للمال وله مال ، استوفي منه ، وإلا كان في ذمته حتى يوسر . وإن جني عليه في النفس جناية توجب الدية ، فهي لبيت المال ; لأنه وارثه إذا جنى اللقيط جناية تحملها العاقلة ،
وإن كان عمدا محضا ، فالإمام مخير بين استيفاء القصاص إن رآه أحظ للملاقيط ، والعفو على مال . وبهذا قال ، الشافعي ، وابن المنذر ، إلا أنه يخيره بين القصاص والمصالحة ; وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { وأبو حنيفة } . وإن جني عليه فيما دون النفس جناية توجب الأرش قبل بلوغه ، فلوليه أخذ الأرش . وإن كانت عمدا موجبة للقصاص ، وللقيط مال يكفيه ، وقف الأمر على بلوغه ليقتص أو يعفو ، سواء كان عاقلا أو معتوها فالسلطان ولي من لا ولي له
وإن لم يكن له مال ، وكان عاقلا ، انتظر بلوغه أيضا ، وإن كان معتوها فللولي العفو على مال يأخذه [ ص: 37 ] له ; لأن المعتوه ليس له حال معلومة منتظرة ، فإن ذلك قد يدوم به ، والعاقل له حال منتظرة ، فافترقا . وفي الحال التي ينتظر بلوغه ، فإن الجاني يحبس حتى يبلغ اللقيط ، فيستوفي لنفسه . وهذا مذهب ، وقد روي عن الشافعي رواية أخرى ، أن للإمام استيفاء القصاص له . وهو مذهب أحمد ; لأنه أحد نوعي القصاص أبي حنيفة
فكان للإمام استيفاؤه عن اللقيط ، كالقصاص في النفس . ولنا أنه قصاص لم يتحتم استيفاؤه ، فوقف على قوله ، كما لو كان بالغا غائبا ، وفارق القصاص في النفس ، فإن القصاص ليس هو له ، إنما هو لوارثه ، والإمام المتولي له .