الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4670 ) فصل : فأما نفقة العبد الموصى بخدمته ، وسائر الحيوانات الموصى بنفعها ، فيحتمل أن تجب على صاحب الرقبة . هذا الذي ذكره الشريف أبو جعفر مذهبا لأحمد ، وهو قول أبي ثور ، وظاهر مذهب الشافعي ; لأن النفقة على الرقبة ، فكانت على صاحبها ، كالعبد المستأجر ، وكما لو لم يكن له منفعة . قال الشريف : ولأن الفطرة تلزمه ، والفطرة تتبع النفقة ، ووجوب التابع على إنسان دليل على وجوب المتبوع عليه . ويحتمل أن يجب على صاحب المنفعة . وهو قول أصحاب الرأي ، والإصطخري ، وهو أصح ، إن شاء الله تعالى ; لأنه يملك نفعه على التأبيد ، فكانت النفقة عليه ، كالزوج ، ولأن نفعه له ، فكان عليه ضره ، كالمالك لهما جميعا ، يحققه أن إيجاب النفقة على من لا نفع له ضرر مجرد ، فيصير معنى الوصية : أوصيت لك بنفع عبدي ، وأبقيت على ورثتي ضره . وإن وصى بنفعه لإنسان ، ولآخر برقبته ، كان معناه : أوصيت لهذا بنفعه ، ولهذا بضره . والشرع ينفي هذا بقوله : { لا ضرر ولا ضرار } . ولذلك جعل الخراج بالضمان ، ليكون ضره على من له نفعه . وفارق المستأجر ، فإن نفعه في الحقيقة للمؤجر ; لأنه يأخذ الأجر عوضا عن منافعه . وقيل : تجب نفقته في كسبه . وهذا راجع إلى إيجابها على صاحب المنفعة ; لأن كسبه من منافعه ، فإذا صرف في نفقته ، فقد صرفت المنفعة الموصى بها إلى النفقة ، فصار كما لو صرف إليه شيء من ماله سواه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية