الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4823 ) مسألة ; قال : ( والأخوات من الأب بمنزلة الأخوات من الأب والأم ، إذا لم يكن أخوات لأب وأم ، فإن كان أخوات لأب وأم ، وأخوات لأب ، فللأخوات من الأب والأم الثلثان ، وليس للأخوات من الأب شيء ، إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي ، للذكر مثل حظ الأنثيين . فإن كانت أخت واحدة لأب وأم ، [ ص: 168 ] وأخوات لأب ، فللأخت للأب والأم النصف ، وللأخوات من الأب واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس ، تكملة الثلثين ، إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي ، للذكر مثل حظ الأنثيين ) وهذه الجملة كلها مجمع عليها بين علماء الأمصار ، إلا ما كان من خلاف ابن مسعود ومن تبعه ، لسائر الصحابة والفقهاء في ولد الأب إذا استكمل الأخوات من الأبوين الثلثين ، فإنه جعل الباقي للذكر من ولد الأب دون الإناث . فإن كانت أخت واحدة من أبوين ، وإخوة وأخوات من أب ، جعل للإناث من ولد الأب الأضر بهن من المقاسمة أو السدس ، وجعل الباقي للذكور . كفعله في ولد الابن مع البنات ، على ما مر تفصيله وشرحه ، وقد سبق ذكر حجته وجوابها ، بما يغني عن إعادته . فأما فرض الثلثين للأختين فصاعدا ، والنصف للواحدة المفردة ، فثابت بقول الله تعالى : { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك } . والمراد بهذه الآية ولد الأبوين ، وولد الأب بإجماع أهل العلم . وروى جابر ، قال : قلت : يا رسول الله ، كيف أصنع في مالي ولي أخوات ؟ قال : فنزلت آية الميراث : { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك } . رواه أبو داود . وروي أن جابرا اشتكى وعنده سبع أخوات ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم { قد أنزل الله في أخواتك } . فبين لهن الثلثين . وما زاد على الأختين في حكمهما ; لأنه إذا كان للأختين الثلثان ، فالثلاث أختان فصاعدا . وأما سقوط الأخوات من الأب ، باستكمال ولد الأبوين الثلثين فلأن الله تعالى إنما فرض للأخوات الثلثين ، فإذا أخذه ولد الأبوين ، لم يبق مما فرضه الله تعالى للأخوات شيء يستحقه ولد الأب ، فإن كانت واحدة من الأبوين ، فلها النصف بنص الكتاب ، وبقي من الثلثين المفروضة للأخوات سدس ، يكمل به الثلثان ، فيكون للأخوات للأب . ولذلك قال الفقهاء : لهن السدس ، تكملة الثلثين فإن كان ولد الأب ذكورا وإناثا ، فالباقي بينهم ; لقول الله تعالى : { وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين } . ولا يفارق ولد الأب مع ولد الأبوين ولد الابن مع ولد الصلب ، إلا في أن بنت الابن يعصبها ابن أخيها ومن هو أنزل منها ، والأخت من الأب لا يعصبها إلا أخوها ، فلو استكمل الأخوات من الأبوين الثلثين ، وثم أخوات من أب وابن أخ لهن ، لم يكن للأخوات للأب شيء ، وكان الباقي لابن الأخ ; لأن ابن الابن وإن نزل ابن ، وابن الأخ ليس بأخ .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية