( 5033 ) مسألة ; قال : ( وإذا هلك رجل عن ابنين ومولى ، فمات أحد الابنين بعده عن ابن ، ثم مات المولى  ، فالولاء لابن معتقه ; لأن الولاء للكبر . ولو هلك الابنان بعده وقبل المولى ، وخلف أحدهما ابنا ، والآخر تسعة ، كان الولاء بينهم على عددهم ، لكل واحد منهم عشره ) هذا قول أكثر أهل العلم . قال الإمام  أحمد    : روي هذا عن  عمر  ،  وعثمان  ،  وعلي  ،  وزيد  ،  وابن مسعود    . وروى سعيد    . 
ثنا  هشيم  ، ثنا  أشعث بن سوار  ، عن الشعبي  ، أن  عمر  ،  وعليا  ،  وابن مسعود  ،  وزيدا  ، كانوا يجعلون الولاء للكبر . وروي ذلك عن  ابن عمر  ، وأبي بن كعب  ،  وأبي مسعود البدري  ،  وأسامة بن زيد    . وبه قال  عطاء  ،  وطاوس  ،  وسالم بن عبد الله  ، والحسن  ،  وابن سيرين  ، والشعبي  ،  والنخعي  ، والزهري  ،  وقتادة  ،  وابن قسيط  ،  ومالك  ،  والثوري  ،  والشافعي  ، وإسحاق  ،  وأبو ثور  ، وأصحاب الرأي ،  وداود    . 
كلهم قالوا : الولاء للكبر . وتفسيره أنه يرث المولى المعتق من عصبات سيده أقربهم إليه ، وأولاهم بميراثه يوم موت العبد . قال  ابن سيرين    : إذا مات المعتق نظر إلى أقرب الناس إلى الذي أعتقه ، فيجعل ميراثه له ، وإذا مات السيد قبل مولاه ، لم ينتقل الولاء إلى عصبته ; لأن الولاء كالنسب ، لا ينتقل ، ولا يورث ، وإنما يورث به ، فهو باق للمعتق أبدا ، لا يزول عنه ، بدليل قوله عليه السلام : { إنما الولاء لمن أعتق   } 
وقوله : { الولاء لحمة كلحمة النسب   } . إنما يرث عصبة السيد مال مولاه بولاء معتقه ، لا نفس الولاء . ويتضح معنى هذا القول بمسألتي  الخرقي  اللتين ذكرناهما هاهنا ، وهما : إذا مات رجل عن ابنين ومولى فمات أحد الابنين بعده عن ابن ، ثم مات المولى  ، ورثه ابن معتقه دون ابن ابن معتقه ; لأن ابن معتقه أقرب عصبة سيده . ولو مات السيد ، وخلف ابنه وابن ابنه  ، لكان ميراثه لابنه ، دون ابن ابنه ، فكذلك إذا مات المولى . والمسألة الأخرى ، إذا هلك الابنان بعده ، وقبل مولاه ، وخلف أحدهما ابنا ، والآخر تسعة ، ثم مات المولى . 
كان ميراثه بينهم على عددهم ، لكل واحد منهم عشره ; لأن السيد لو مات كان ميراثه بينهم كذلك ، فكذلك ميراث ، مولاه ، ولو كان الولاء موروثا لانعكس الحكم في المسألتين ، فكان الميراث في المسألة الأولى بين الابن وابن الابن ; لأن الابنين ورثا الولاء عن أبيهما ، ثم ما صار للابن الذي مات انتقل إلى ابنه ، فصار ميراث المولى بينه وبين عمه نصفين . وفي المسألة الثانية يصير لابن الابن المنفرد نصف الولاء بميراثه ذلك عن ابنه  [ ص: 297 ] ولبني الابن الآخر النصف بينهم على عددهم . وشذ  شريح  ، فقال : الولاء بمنزلة المال ، يورث عن المعتق ، فمن ملك شيئا حياته ، فهو لورثته . 
وقد حكي عن  عمر  ،  وعلي  ،  وابن عباس  ،  وابن المسيب  ، نحو هذا . وروي عن  حنبل  ، ومحمد بن الحكم  ، عن  أحمد  نحوه . وغلطهما أبو بكر  في روايتهما ، فإن الجماعة رووا عن  أحمد  مثل قول الجمهور . قال أبو الحارث    : سألت  أبا عبد الله  عن الولاء للكبر ، فقال : كذا روي عن  عمر  ،  وعثمان  ،  وعلي  ،  وزيد  ،  وابن مسعود  ، أنهم قالوا : الولاء للكبر ، إلى هذا القول أذهب . وتفسير ذلك أن يعتق الرجل عبدا ، ثم يموت ويخلف ابنين ، فيموت أحد الابنين . 
ويخلف ابنا فولاء هذا العبد المعتق لابن المعتق ، وليس لابن الابن شيء مع الابن وحجة  شريح  حديث  عمرو بن شعيب  الذي ذكرناه ، والقياس على المال . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم {   : المولى أخ في الدين ، وولي نعمة ، وأولى الناس به أقربهم من المعتق   } . وقوله عليه السلام {   : الولاء لمن أعتق   } . وقوله : { الولاء لحمة كلحمة النسب   } . ولأنه من أسباب التوارث ، فلم يورث ، كالقرابة والنكاح ، ولأنه إجماع من الصحابة ولم يظهر عنهم خلافه فلا يجوز مخالفته وحديث  عمرو بن شعيب  قد غلطه العلماء فيه ، ولم يصح عن أحد من الصحابة خلاف هذا القول وحكاه الشعبي  والأئمة عن  عمر  ومن ذكرنا قولهم . 
ولا يصح اعتبار الولاء بالمال ; لأن الولاء لا يورث بدليل أنه لا يرث منه ذوو الفروض ، وإنما يورث به ، فينظر أقرب الناس إلى سيده من عصباته يوم موت العبد والمعتق ، فيكون هو الوارث للمولى دون غيره ، كما أن السيد لو مات في تلك الحال ورثه وحده ، فإذا خلف ابن مولاه ، وابن ابن مولاه ، فماله لابن مولاه . وإن خلف ابن ابن مولاه ، وتسعة بني ابن آخر لمولاه ، فماله بينهم على عددهم ، لكل واحد عشره ; لأنهم يرثون جدهم كذلك ولو خلف السيد ابنه وابن ابنه ، فمات ابنه بعده عن ابن ، ثم مات عتيقه  ، فميراثه بين ابني الابن نصفين . وفي قول  شريح  ، هو لابن الابن الذي كان حيا عند موت ابنه 
وإن مات السيد عن أخ من أب ابن أخ من أبوين ، فمات الأخ من الأب عن ابن ، ثم مات العتيق  ، فماله لابن الأخ من الأبوين . وفي قول  شريح  ، هو لابن الأخ من الأب . وإن لم يخلف عصبة من نسب مولاه ، فماله لمولى مولاه ، ثم لأقرب عصباته ، ثم لمولى مولاه ، فإذا انقرض عصباته وموالي الموالي وعصباتهم ، فماله لبيت المال . 
				
						
						
