( 6335 ) مسألة قال : ما يتبين فيه شيء من خلق الإنسان ، حرة كانت أو أمة وجملة ذلك ، أن المرأة إذا ألقت بعد فرقة زوجها شيئا ، لم يخل من خمسة أحوال : أحدها ، أن تضع ما بان فيه خلق الآدمي ، من الرأس واليد والرجل ، فهذا تنقضي به العدة ، بلا خلاف بينهم . قال والحمل الذي تنقضي به العدة ، أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ، على أن عدة المرأة تنقضي بالسقط إذا علم أنه ولد ، وممن نحفظ عنه ذلك : ابن المنذر الحسن وابن سيرين وشريح والشعبي والنخعي والزهري والثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق قال قلت الأثرم : : إذا نكس في الخلق الرابع ؟ يعني تنقضي به العدة . فقال : إذا نكس في الخلق الرابع ، فليس فيه اختلاف ، ولكن إذا تبين خلقه هذا أدل وذلك لأنه إذا بان فيه شيء من خلق الآدمي ، علم [ ص: 97 ] أنه حمل ، فيدخل في عموم قوله تعالى : { لأبي عبد الله وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } . الحال الثاني ، ألقت نطفة أو دما ، لا تدري هل هو ما يخلق منه الآدمي أو لا ؟ فهذا لا يتعلق به شيء من الأحكام ; لأنه لم يثبت أنه ولد ، لا بالمشاهدة ولا بالبينة .
الحال الثالث ألقت مضغة لم تبن فيها الخلقة ، فشهد ثقات من القوابل ، أن فيه صورة خفية ، بان بها أنها خلقة آدمي ، فهذا في حكم الحال الأول ، لأنه قد تبين بشهادة أهل المعرفة أنه ولد . الحال الرابع ، إذا ألقت مضغة لا صورة فيها ، فشهد ثقات من القوابل أنه مبتدأ خلق آدمي ، فاختلف عن فنقل أحمد أبو طالب أن عدتها لا تنقضي به ، ولكن تصير به أم ولد ; لأنه مشكوك في كونه ولدا ، فلم يحكم بانقضاء العدة المتيقنة بأمر مشكوك فيه ، ولم يجز بيع الأمة الوالدة له مع الشك في رقها ، فيثبت كونها أم ولد احتياطا ، ولا تنقضي العدة احتياطا . ونقل أنها تصير أم ولد ، ولم يذكر العدة ، فقال بعض أصحابنا : على هذا تنقضي به العدة . وهو قول حنبل الحسن وظاهر مذهب لأنهم شهدوا بأنه خلقة آدمي ، أشبه ما لو تصور . . الشافعي
والصحيح أن هذا ليس برواية في العدة ، لأنه لم يذكرها ، ولم يتعرض لها . الحال الخامس ، أن تضع مضغة لا صورة فيها ، ولم تشهد القوابل بأنها مبتدأ خلق آدمي ، فهذا لا تنقضي به عدة ، ولا تصير به أم ولد ; لأنه لم يثبت كونه ولدا ببينة ولا مشاهدة ، فأشبه العلقة ، فلا تنقضي العدة بوضع ما قبل المضغة بحال ، سواء كان نطفة أو علقة ، وسواء قيل : إنه مبتدأ خلق آدمي أو لم يقل . نص عليه فقال : أما إذا كان علقة ، فليس بشيء ، إنما هي دم ، لا تنقضي به عدة ، ولا تعتق به أمة . ولا نعلم مخالفا في هذا ، إلا أحمد الحسن ، فإنه قال : إذا علم أنها حمل ، انقضت به العدة ، وفيه الغرة . والأول أصح ، وعليه الجمهور .
وأقل ما تنقضي به العدة من الحمل ، أن تضعه بعد ثمانين يوما منذ أمكنه وطؤها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن خلق أحدكم ليجمع في بطن أمه ، فيكون نطفة أربعين يوما ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك " . ولا تنقضي العدة بما دون المضغة ، فوجب أن تكون بعد الثمانين ، فأما ما بعد الأربعة أشهر ، فليس فيه إشكال ; لأنه منكس في الخلق الرابع .