( 6493 ) فصل : . وهذا ظاهر مذهب ويلزم الرجل إعفاف أبيه ، إذا احتاج إلى النكاح . ولهم في إعفاف الأب الصحيح وجه آخر ، أنه لا يجب . وقال الشافعي : أبو حنيفة ، سواء وجبت نفقته أو لم تجب ; لأن ذلك من أعظم الملاذ ، فلم تجب للأب ، كالحلواء ، ولأنه أحد الأبوين ، فلم يجب له ذلك كالأم . ولنا ، أن ذلك مما تدعو حاجته إليه ، ويستضر بفقده ، فلزم ابنه له ، كالنفقة ، ولا يشبه الحلواء ; لأنه لا يستضر بفقدها ، وإنما يشبه الطعام والأدم ، وأما لا يلزم الرجل إعفاف أبيه ، ونحن نقول بوجوب ذلك عليه ، وهم يوافقوننا في ذلك إذا ثبت هذا ، فإنه يجب إعفاف من لزمت نفقته من الآباء والأجداد ، فإن الأم فإن إعفافها إنما هو تزويجها إذا طلبت ذلك ، وخطبها كفؤها ، قدم الأقرب ، إلا أن يكون أحدهما من جهة الأب والآخر من جهة الأم ، فيقدم الذي من جهة الأب ، وإن بعد ; لأنه عصبة والشرع قد اعتبر جهته في التوريث والتعصيب ، فكذلك في الإنفاق والاستحقاق . ( 6494 ) اجتمع جدان ، ولم يمكن إلا إعفاف أحدهما
فصل : وإذا وجب عليه إعفاف أبيه ، فهو مخير ، إن شاء زوجه حرة ، وإن شاء ملكه أمة ، أو دفع إليه ما يتزوج به حرة أو يشتري به أمة ، وليس للأب التخيير عليه ، إلا أن الأب إذا عين امرأة ، وعين الابن أخرى ، وصداقهما واحد ، قدم تعيين الأب ; لأن النكاح له ، والمؤنة واحدة ، فقدم قوله كما لو ، قدم تعيينها . وإن اختلفا في الصداق لم يلزم الابن الأكثر ; لأنه إنما يلزم أقل ما تحصل به الكفاية ، ولكن ليس له أن يزوجه أو يملكه قبيحة أو كبيرة لا استمتاع فيها ، وليس له أن يزوجه أمة ; لأن فيه ضررا عليه ، وهو إرقاق ولده ، والنقص في استمتاعه . عينت البنت كفؤا ، وعين الأب كفؤا
وإن رضي الأب بذلك لم يجز ، لأن الضرر يلحق بغيره ، وهو الولد ، ولذلك لم يكن للموسر أن يتزوج أمة . وإذا زوجه زوجة أو ملكه أمة ، فعليه نفقته ونفقتها . ومتى أيسر الأب ، لم يكن للولد استرجاع ما دفعه إليه ، ولا عوض ما زوجه به ; لأنه دفعه إليه في حال وجوبه عليه ، فلم يملك استرجاعه ، كالزكاة . وإن زوجه أو ملكه أمة فطلق الزوجة أو أعتق الأمة ، لم يكن عليه أن يزوجه أو يملكه ثانيا ; لأنه فوت ذلك على نفسه . وإن ماتتا ، فعليه إعفافه ثانيا لأنه لا صنع له في ذلك .