الإعلان الغربي: ماهيته وعوامل تطوره في العصر الحديث
شهد القرن التاسع عشر تقدما ملحوظا في مجال الإعلانات نتيجة لتطور عجلة الثورة الصناعية الغربية، التي ازدادت سرعة دورتها الاقتصادية وتيرة ونموا وكثافة في الإنتاج، وضخامة في تكدس السلع. فاندفعت -بجهود الرأسماليين القائمين عليها- محمومة بدافع تصريف بضائعها المكدسة من جهة، وطمعا في استمرارية عجلة إنتاجها، وزيادة أرباحها الربوية الاحتكارية، إلى إيجاد وسائل سريعة ومؤثرة وفاعلة، تحمل جمهور المستهلكين الحقيقيين والمرتقبين -بسرعة وتلقائية وباندفاع استهلاكي- لاقتناء تلك السلع دون أدنى تفكير في احتياجاتها ومتطلباتها. فلم تجد وسيلة بيعية وإشهارية مناسبة لها [ ص: 40 ] سوى فن الإعلان. [1]
وقد ساعد على تطور فن الإعلان العوامل التالية:
1- ازدياد معدل التصنيع، وارتفاع حجم الطاقة الإنتاجية والاستهلاكية للمجتمع.
2- بروز ظاهرة السوق الكبير الذي يحوي أعدادا هائلة من مختلف البضائع والسلع.
3- كثافة وتنوع طبقات جمهور المستهلكين المحليين والعالميين.
4- التقدم العلمي والتطور التكنولوجي المذهل الذي ساهم في زيادة قدرة الجهاز الإنتاجي.
5- الزيادة المفرطة في حمى الاستهلاك المذهل للأفراد والأسر والجماعات والمجتمعات.
6- توسع وتيسر دائرة الاتصال العالمي.
7- انتشار وسائل الإعلام على مختلف المستويات.
8- ارتفاع مستوى التعليم والثقافة لدى الأفراد والمجتمعات.
9- اشتداد حدة التنافس الاقتصادي، والحضاري بين الأمم.
[2]
وأخـذ الإعـلان في التـوسـع والانتـشار حتى أصبـح يشـكل -مع مطالع القرن العشرين- إحدى الدعائم التجارية القوية للدورة [ ص: 41 ] الاقتصادية العالمية، وأهم الدعائم المالية لسائر المؤسسات، والأجهزة الإعلامية والاتصالية، بحيث زاد الإنفاق الإعلاني في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين، ليصل إلى مئات المليارات من الدولارات، وهو مرشح لأن يصل عام (2000) إلى حوالى تسعمائة مليار دولار. [3]