المجال التربوي للإعلان الإسلامي
يضطلع الإعلان الإسلامي بدور مهم وخطير، بحيث يساهم في تربية جمهور المستقبلين بما يبثه فيهم من قيمه التعليمية والتربوية، فيعلمهم كيف يحافظون على صحتهم وسلامتهم، وكيف يوظفون أموالهم ويستثمرون مدخراتهم.. وكيف يتعاملون مع السلع والخدمات والتسهيلات والمنشآت.. وكيف يرتفعون بمستواهم العلمي والثقافي والتربوي للتعامل الحضاري معها.
ذلك أن الإعلان الإسلامي لا يكتفي بأن يستثير الجمهور المستقبل عاطفيا أوعقليا للإقبال على ما يعلن عنه، بل يسعى إلى تقديم الخبرة الشاملة المفيدة، والمعرفة الدقيقة المختصرة، فهو لا يجذب الجمهور نحوه بالاستثارة أو بالإغراء أو بقيمة السلعة، بل بمضمونه التربوي والتعليمي المهم والمفيد.
ويعتبر العامل التربوي والتعليمي أحد العوامل الرئيسة والمساعدة على نجاح الإعلان عامة والإعلان الإسلامي خاصة، لأن الإعلان عندما يذكر منافع السلع والمنتجات ومميزاتها التي تتمتع بها، وطرق استخدامها وصيانتها -وإن كان يذكرها لهدف بيعها وتسويقها- فإنه [ ص: 157 ] مع ذلك كله يشعر الجمهور المستقبل بقيمة الفوائد المرجوة منها، وذلك بحجم المعلومات وكم الخبرات التي يقدمها معها، بحيث تزيد قيمة المنتجات والسلع والخدمات المعلن عنها أو تنخفض بمقدار المعلومات التي يتوفر عليها الإعلان.
ولذلك فإن الجمهور المستقبل يعلق الأمل في تعلم الكثير من الخبرات والمعارف والحقائق والمهارات، حول المنتجات والسلع المعلن عنها، من خلال مضمون الرسالة الإعلانية التربوية والتعليمية. فهو -إذن- يعلم الجمهور الكثير من الخبرات والمعارف والحقائق، التي لا يمكنهم معرفتها أو تعلمها إلا باللجوء إلى الوسائل التربوية والتعليمية.
ومن الأبعاد التربوية والتعليمية للإعلان عامة والإعلان الإسلامي خاصة، ترويجه للغته الوطنية، بحيث يعمل جاهدا على تضمين رسائله الإعلانية بالرموز اللغوية الوطنية المكتوبة والمسموعة والمرئية، ليدعم وجودها الرسالي على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
إن اللغة هي أحد المكونات الرئيسة للإعلان المكتوب والمسموع والمرئي، ولا يمكن لأي نشاط إشهاري أن يستغني عن استعمال اللغة أبدا، مهما كان راقي الأداء وعالي الإخراج الفني. وباستخداماته اللغوية المتنوعة والهادفة، يقوم الإعلان بتعليم الجمهور المستقبل اللغة العربية، ولا سيما لدى الأطفال الذين يقبلون على الإعلانات بشغف شديد بما يؤثر سلبا أو إيجابا على نمو ثروتهم اللغوية. [ ص: 158 ]
ومن هنا فإن الإعلان الإسلامي، خلال نشاطه الإشهاري، ملزم برفع الأداء التربوي والتعليمي في مضامينه وفنياته الإخراجية لتبليغ اللغة العربية لغة القرآن الكريم.. كما هو ملزم أيضا بدعم وجودها العالمي بين مختلف اللغات العالمية المهيمنة، لتصمد أمام كل حملات التغريب اللغوي والاستلاب الثقافي، المحلي والإقليمي والعالمي.
وهو مطالب في ممارساته الإشهارية بتجسـيد الأبعاد التربوية التالية:
1- ألا يروج لمنتج أو سلعة أو خدمة من شأنها الحط من الذاتية الإسلامية، أو أن تمس بها من قريب أو من بعيد. بل يسعى إلى تدعيم الذاتية الإسلامية دعما مطلقا، وتقويتها بكل الأساليب الإشهارية، ليحقق التوازن الداخلي في نفسية الجمهور المسلم من جهة، ويضمن الصمود أمام طغيان مد سيول الإعلان الغربي في غزوه الإشهاري من جهة ثانية، ويحد من ولع تبعية المغلوب للغالب في هذا الجانب الإعلاني المهم من جهة ثالثة.
2- ألا يروج لمنتج أو سلعة أو خدمة أو منشأة، تتعارض صراحة مع أصول التربية الإسلامية المقيدة بضوابط الشرع الإسلامي.
[1] [ ص: 159 ]
3- ألا يروج لمنتج أو سلعة أو خدمة أو منشأة.. تمس بمبدأ وحدة الأمة الإسلامية، وتعيق تنشئة الفرد المسلم جسديا وروحيا ووجدانيا وسلوكيا وإنجازيا.
4- أن يعزز مكانة اللغة العربية محليا وإقليميا وعالميا، ويدعم وجودها الرسالي لتقف أمام كل تحديات عوامل التغريب والاستلاب اللغوي والثقافي، ويجعل من اللغة العربية لغة التعامل والتخاطب اليومي لدى الأمة الإسلامية، ولغة التعامل الاجتماعي والتربوي والاقتصادي والسياسي والثقافي والإداري القانوني.
وبالبعد التربوي يكون الإعلان الإسلامي قد تشكلت كل أبعاده الفلسفية، وتوضحت مضامينه الفكرية التي تنضبط بضوابط الشرع الإسلامي، وتسعى جاهدة لخدمة المشروع الإسلامي والتعريف بمضامينه المتزنة والقادرة على حل كل معضلات البشرية التائهة.