فصل واليمين التي تجب بها الكفارة ( هي اليمين بالله تعالى نحو : والله وبالله وتالله ) أو بصفة من صفاته تعالى نحو : ( واليمين التي تجب بها الكفارة إذا حنث ) فيها
( والرحمن والقديم الأزلي وخالق الخلق ورازق العالمين ورب العالمين والعالم بكل شيء ورب السموات والأرض والحي الذي لا يموت ، والأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء ونحوه مما لا يسمى به غيره ) لقوله تعالى { مالك يوم الدين } لأن صفات الله تعالى قديمة فكان الحلف بها موجبا للكفارة بالله تعالى ( أو ) ب ( صفة من صفاته كوجه الله وعظمته وعزته وإرادته وقدرته وعلمه وجبروته ) صفة مبالغة في الجبر أي القهر والغلبة ( ونحوه ) فينعقد الحلف بهذه ( حتى ولو نوى مقدوره ومعلومه ومراده ) أو لم يقصد اليمين لأن ذلك صريح في مقصوده فلم يفتقر إلى نية كصريح الطلاق ونحوه ( وأما ما يسمى به غيره تعالى وإطلاقه ينصرف إلى الله ) تعالى ( كالعظيم والرحيم والرب والمولى والرازق فإن نوى به الله ) تعالى ( أو أطلق كان يمينا ) لأنه بإطلاقه ينصرف إليه تعالى .
( فإن نوى ) به ( غيره ) تعالى ( فليس بيمين ) لأنه يستعمل في غيره قال تعالى { ارجع إلى ربك } { فارزقوهم منه } { بالمؤمنين رءوف رحيم } [ ص: 231 ] والمولى المعتق والقادر باكتسابه وحيث أراد به غيره تعالى لم يبق يمينا لعدم تناوله لما يوجب القسم ( وما لا يعد من أسمائه ) تعالى ( ولا ينصرف إطلاقه إليه ويحتمله ) تعالى ( كالشيء والموجود والحي والعالم والمؤمن والواحد والمكرم والشاكر فإن لم ينو به الله ) .
لم يكن يمينا ( أو نوى ) به ( غيره ) أي غير الله تعالى ( لم يكن يمينا ) لأن الحلف الذي يجب به الكفارة لم يقصد ولا اللفظ ظاهر في إرادته ، فوجب أن لا يترتب عليه على الحالف بالله تعالى ( وإن نواه ) أي نوى به الله تعالى ( كان يمينا ) لأنه نوى بلفظه ما يحتمله فكان يمينا كقوله : والرحيم والقادر ( وإن قال وحق الله وعهد الله واسم الله وأيمن - جمع يمين - وأمانة الله وميثاقه وجلاله ونحوه ) نحو عظمته .
( فهو يمين ) تجب فيها الكفارة بشرط الحنث لإضافتها إليه سبحانه واسم كايمن وهمزته همزة وصل تفتح وتكسر وميمه مضمومة وقالوا ايمن الله بضم الميم والنون مع كسر الهمزة وفتحها .
وقال الكوفيون ألفها ألف قطع وهي جمع يمين فكانوا يحلفون باليمين فيقولون ويمين الله قاله أبو عبيد وهو مشتق من اليمن والبركة ( وكذا ) قوله ( علي عهد الله وميثاقه ) يكون يمينا لما تقدم .