فصل لأنه يلي النوع الأول وهو قسمة التراضي ( وهي ) أي قسمة الإجبار ( ما لا ضرر فيها عليهما ) أي الشريكين ( ولا على أحدهما ولا رد عوض كأرض واسعة وقريبة وبستان ودار كبيرة ودكان واسع ونحوها ، سواء كانت متساوية الأجزاء أو لا إذا أمكن قسمتها بتعديل السهام من غير شيء يجعل معها ، فإن لم يكن ذاك ) أي تعديل السهام ( إلا بجعل شيء معها فلا إجبار ) لأنه معاوضة فلا يجبر عليها من امتنع منها كسائر المعاوضات . ( النوع الثاني من نوعي القسمة قسمة إجبار )
بأن يقتسما الشجر دون الأرض . ( ولهما ) أي الشريكين ( قسم أرض بستان دون شجره وعكسه )
( و ) قسم ( الجميع فإن ( فقسمة إجبار ) حيث أمكنت قسمتها بالتعديل من غير رد عوض ( ويدخل الشجر تبعا ) للأرض كالبيع قسما الجميع ) أي الأرض والشجر ( أو ) قسما ( الأرض ) وحدها فلا إجبار ) لمن امتنع منهما ( وإن قسما ) أي طلب أحدهما ( الشجر وحده كدهن ) من زيت وشيرج وغيرهما ( ولبن ودبس وخل وتمر وعنب ونحوهما ) كسائر الحبوب والثمار المكيلة . ( ومن قسمة الإجبار قسمة مكيل وموزون من جنس واحد
( وإذا طلب أحدهما القسمة فيها ) أي في المذكورات في هذا النوع ( وأبى ) الشريك ( الآخر أجبر ) الممتنع ( ولو كان وليا على صاحب الحصة ) لأنه يتضمن إزالة الضرر الحاصل بالشركة ، وحصول النفع للشريكين ، لأن نصيب كل واحد منهما إذا تميز كان له أن يتصرف فيه بحسب اختياره ويتمكن من إحداث الغراس والبناء وذلك لا يمكن مع الاشتراك .
ويشترط للإجبار أيضا أن يثبت عند الحاكم أنه ملكهم ببينة لأن في الإجبار عليها حكما على الممتنع منهما فلا يثبت إلا بما يثبت به الملك لخصمه بخلاف حالة الرضا فإنه لا يحكم على أحدهما ويشترط أيضا أن يثبت عنده انتفاء الضرر ، وإمكان تعديل [ ص: 376 ] السهام في العين المقسومة من غير شيء يجعل فيها ( ويقسم حاكم مع غيبة ولي وكذا ) يقسم حاكم .
( وعلى غائب في قسمة إجبار ) لأنها حق على الغائب فجاز الحكم عليه كسائر الحقوق ( ) من قسمته ( جاز ل ) لشريك ( الآخر أخذ قدر حقه عند فإن كان المشترك مثليا وهو المكيل والموزون ، وغاب الشريك أو امتنع ) وجزم أبي الخطاب المصنف بمعناه في الوديعة تبعا للمقنع ، قال في الإنصاف : هذا المذهب وعليه جماهير المحققين ( لا عند ) القاضي والناظم وهو مقتضى قول المصنف آنفا ، ومن قسمة الإجبار قسمة مكيل وموزون إذ القول بإجبار يمنع الأخذ بنفسه ، ووجه قول أن القسمة مختلف في كونها بيعا ( وإذن الحاكم يرفع النزاع ) ويزيل الاختلاف ( وقال القاضي الشيخ في ) جواب سؤال عن ( قرية مشاعة قسمها فلاحوها هل يصح ؟ فقال : إذا تهايئوا وزرع كل منهم حصته فالزرع له ) أي للزارع ( ولرب الأرض نصيبه ) أي القسط المعتاد له نظير رقبة الأرض ( إلا أن من ترك نصيب مالكه ) يعني من نصيب هو يملك منفعته ( فله أجرة الفضلة ) أي أجرة مثلها ( أو مقاسمتها ) أي أخذ قسمة الفضلة على ما جرت العادة به في ذلك الموضع .
وهذا مبني على ما تقدم عنه أن من زرع أرض غيره بغير عقد لرب الأرض مقاسمته في الزرع إذا كان ذلك عادة أولئك ، ومقتضى كلام الأصحاب له أجرة المثل من أحد النقدين فقط ومقتضى كلامه عدم صحة قسمة أرض من الفلاحين لعدم ملكهم لها لكن الزرع لزارعه على ما سبق تفصيله ( وهي ) أي قسمة الإجبار ( إفراز حق ) أحدهما من الآخر لأنها لا تفتقر إلى لفظ التمليك ولا تجب فيها شفعة ويدخلها الإجبار والإفراز مصدر أفرزت الشيء ، يقال : فرزته وأفرزته إذا عزلته ( لا بيع ) .
أي وليست قسمة الإجبار بيعا لأنها تخالفه في الأحكام والأسباب فلم تكن بيعا كسائر العقود ( فيصح قسم وقف بلا رد من أحدهما ) على الآخر لأن الغرض التمييز ( فأما الوقف على جهة واحدة فلا تقسم عينه قسمة لازمة اتفاقا لتعلق حق الطبقة الثانية والثالثة ) وما بعدها . ( إذا كان ) الوقف ( على جهتين فأكثر )
( ولكن تجوز المهايأة ) فيه للموقوف عليهم بالزمان والمكان ( وهي قسمة المنافع ) قال الشيخ تقي الدين عن الأصحاب ، وهذا وجه ظاهر كلام الأصحاب لا فرق قال في الفروع : وهو أظهر .
وفي المبهج لزومها إذا اقتسموا بأنفسهم أو تهيئوا ( مدة كل واحد ) من الشركاء ( عليه ) لأنهم أرفق بهم مع حصول التساوي . ( ونفقة الحيوان ) إذا تقاسموا نفعه بالمهايأة
[ ص: 377 ] قلت فإن مات الحيوان في نوبة أحدهم فلا ضمان عليه لأن ما يستوفيه من المنافع في نظير ما يستوفيه شريكه فهو في معنى الإجارة لا العارية ( فللآخر الفسخ ) لأن المهايأة غير لازمة كما تقدم ، ويرجع على شريكه بحصته مما استوفاه زائدا عنه ( وتجوز ( وإن نقص الحادث عن العادة ) لعجز في الحيوان ونحوه ) بكسر الطاء أي حلال ، وسمي المملوك طلقا لأن جميع التصرفات فيه حلال والموقوف ليس كذلك ( بلا رد عوض من رب الطلق ) على الموقوف عليه لأن الغرض التمييز . قسمة ما بعضه وقف وبعضه طلق
( و ) تجوز لأنه يشتري بعض الطلق بخلاف عكسه فإن بيع الوقف غير جائز ( و ) تجوز القسمة ( برد عوض من مستحق الوقف ) حيث قلنا : إنها إفراز لا بيع تبع فيه الإنصاف هنا ( وتقدم في الشركة ) أنه لا يصح ( وتجوز قسمة ( الدين في ذمم الغرماء ) ) إن كانت مما يخرص كالنخل والكرم قسمة الثمار خرصا أي الثمر ولو ( بشرط التبقية و ) تجوز ( قسمة لحم هدي وأضاحي وغيرهما ) من الذبائح . ( ولو ) كانت الثمار ( على شجر قبل بدو صلاحه )
( و ) قسمة ( مرهون فلو رهن ) شريك ( سهمه مشاعا ثم قاسم شريكه صح ) ولو بغير إذن المرتهن ( واختص قسمه بالرهن ، وتجوز قسمة ما يكال وزنا و ) قسمة ( ما يوزن كيلا وتفرقهما قبل القبض فيهما ) لأن التفرق إنما منع منه في البيع وهذا إفراز ( ولا خيار فيها ) أي في القسمة ( ولا شفعة ولا يحنث من حلف لا يبيع إذا قاسم ) لأن ذلك ليس ببيع لم ينقطع الحول ) لأن أحدهم لم ينفرد عن الآخر ولا بيع ( ( ولو كان بينهما ماشية مشتركة فاقتسماها في أثناء الحول واستداما خلطة الأوصاف لم تصح ) القسمة لتبين فساد الإفراز ( وإن كان بينهما أرض يشرب بعضها سحا و ) يشرب ( بعضها بعلا أو في بعضها شجر وفي بعضها نخل فطلب أحدهما قسمة كل عين على حدة وطلب الآخر قسمتها أعيانا بالقيمة قدم من طلب قسمة كل عين على حدة إن أمكن التسوية في جيده ورديئه ) لأن ذلك أقرب إلى التعديل لأن لكل واحد منهما حقا في الجميع ولأن الحامل على القسمة زوال الشركة . وإن ظهر في القسمة غبن فاحش
وهو حاصل بما ذكر ( وإن لم يمكن ) أي يسوي في جيده ورديئه ( وأمكن التعديل بالقيمة عدلت ) بالقيمة لتعينه إذن ( وأجبر الممتنع ) من القسمة لإمكانها بلا ضرر ( وإلا ) أي وإن لم يمكن التعديل أيضا بالقيمة ( فلا ) إجبار لمن امتنع منهما .