ولو ، فعلى الآمر الدية في ماله ; لأن المباشر ملجأ إلى القتل ، فيصير الفعل منسوبا إلى الملجئ ، وصار هذا بمنزلة ما لو قتل إنسانا بإذنه ، وفي هذا يجب الدية عليه دون القصاص في ظاهر الرواية ، وعلى قول قال له لأقتلنك ، أو لتقتلنه ، فقال له المقصود اقتلني ، فأنت في حل من ذلك ، وهو غير مكره ، فقتله بالسيف رحمه الله عليه القصاص ، وعلى قول زفر أبي يوسف رحمه الله لا شيء عليه ، أو رده في اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله إلا أن هذا إنما يتحقق في حق من باشر القتل بنفسه لا في حق المكره ، فإن لا يرى القود على المكره ، وأورد على هذا أيضا أنه إذا زفر ، فعليه القصاص في قول قال : اقتل أبي ، أو ابني ، فقتله رحمه الله ، وقال زفر أبو يوسف رحمه الله أستحسن أن يكون عليه الدية في ماله إذا كان هو الوارث .
وذكر الحسن بن أبي مالك عن أبي يوسف عن رحمه الله في قوله اقتل ابني كقول أبي حنيفة ، وفي قوله اقتلني كقول زفر أبي يوسف أنه لا شيء عليه وجه تلك الرواية أن الإذن في الابتداء كالعفو في الانتهاء ، وبعدما جرحه لو عفي عن الجناية ، ومات لم يجب شيء ، فكذلك إذا أذن في الابتداء ; وهذا لأن الحق في بدل نفسه له حتى يقضي منه ديونه ، فيسقط بإسقاطه كما في الطرف : وجه قول أن بدل النفس إنما يجب بعد زهوق الروح ، والحق عند ذلك للوارث ، فإذنه في القتل صادف محلا هو حق الغير ، فكان لغوا ، وعليه القصاص بخلاف بدل الطرف [ ص: 92 ] فإن الحق له بعد تمام الفعل فيعتبر إسقاطه ، وهذا بخلاف العفو ، فإن العفو إسقاط بعد وجود السبب ، والإسقاط بعد وجود السبب ، وقبل الوجوب يصح ، فأما الإذن ، فلا يمكن أن يجعل إسقاطا ; لأن السبب لم يوجد بعد ، وباعتبار عينه الإذن لاقى حق الغير ، فلا يصح ، ووجه ظاهر الرواية أن إذنه في القتل باعتبار ابتدائه صادف حقه ، وباعتبار مآله صادف حق الوارث ، فلاعتبار الابتداء يمكن شبهة ، والقصاص يسقط بالشبهة ، ولاعتبار المال تجب عليه الدية في ماله . زفر
ولهذا قال أبو يوسف في الآذن في قتل أبيه ، أو ابنه أنه باعتبار الابتداء لاقى حق الغير ، وباعتبار المآل لاقى حقه ، فيصير المال شبهة في إسقاط القود ، ويجب عليه الدية . .