الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            وحكم البيع من حيث هو الجواز ، قال ابن عبد السلام وكما أن حقيقته معلومة لكل الناس فحكمه من الإباحة معلوم من الدين بالضرورة ، فالاستدلال المذكور على ذلك في الكتب والمجالس إنما هو على طريق التبرك بذكر الآيات والأحاديث مع تمرين الطلبة على الاستدلال ا هـ ، ودليله من الكتاب قوله تعالى : { وأحل الله البيع وحرم الربا } وقوله : { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } وقال سبحانه : { وأشهدوا إذا تبايعتم } ومن السنة أحاديث كثيرة من بيعه صلى الله عليه وسلم وشرائه وإذنه في البيع ووقوعه بحضرته ، وسنذكر إن شاء الله أحاديث في مواضعها من هذا الكتاب من ذلك ما رواه البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال : { لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه } ومن ذلك ما رواه مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال : { الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح سواء بسواء مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد } وهذا موضع الدليل وقوله صلى الله عليه وسلم : { أفضل الكسب بيع مبرور وعمل الرجل بيده } رواه الإمام أحمد والطبراني وغيرهما والبيع المبرور الذي بر فيه صاحبه فلم يعص الله فيه ولا به ولا معه ، قاله الشيخ أحمد زروق في شرح الإرشاد وعزا الحديث المذكور للترمذي قال وصححه الحاكم ، والإجماع على جوازه من حيث الجملة ، وقد يعرض له الوجوب كمن اضطر إلى شراء طعام أو شراب أو غير ذلك ، والندب كمن أقسم على إنسان أن يبيع سلعة لا ضرورة عليه في بيعها فيندب إلى إجابته ; لأن إبرار المقسم فيما ليس فيه ضرورة مندوب إليه كما تقدم في باب الأيمان ، وتعرض له الكراهة كبيع الهر والسباع لا لأخذ جلودها ، والتحريم كالبيوع المنهي عنها .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية