الرفق بالعباد والتعاون على حصول المعاش ولهذا يمنع من احتكار ما يضر بالناس ، قال في كتاب التجارة إلى أرض الحرب من المدونة ، قال وحكمة مشروعيته والحكرة في كل شيء من طعام أو إدام أو كتان أو صوف أو عصفر أو غيره فما كان احتكاره يضر بالناس منع محتكره من الحكرة ، وإن لم يضر ذلك بالناس ولا بالأسواق ، فلا بأس به ، قال مالك في شرح القرطبي { مسلم : } هذا الحديث بحكم إطلاقه أو عمومه يدل على لا يحتكر إلا خاطئ غير أن هذا الإطلاق قد يقيد والعموم قد يخصص بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ; فإنه قد ادخر لأهله قوت سنتهم ، ولا خلاف في أن ما يدخره الإنسان لنفسه وعياله من قوت وما يحتاجون إليه جائز ، ولا بأس به ، فإذا مقصود هذا منع التجار من الادخار ، ثم هل يمنعون من ادخار كل شيء ، وذكر ما تقدم وذكر الخلاف ثم قال : وكل هذا فيمن اشترى في الأسواق ، فأما من جلب طعاما ; فإن شاء باع ، وإن شاء احتكر إلا إن نزلت حاجة فادحة أو أمر ضروري بالمسلمين ، فيجب على من كان عنده ذلك أن يبيعه بسعر وقته ; فإن لم يفعل أجبر على [ ص: 228 ] ذلك إحياء للمهج وإبقاء للرمق . الاحتكار في كل شيء
وأما إن كان اشتراه من الأسواق واحتكر وأضر بالناس فيشترك فيه الناس بالسعر الذي اشتراه به ، انتهى . وقال أيضا في قوله في الحديث : { } فيه ما يدل على جواز كان ينفق على أهله نفقة سنة سنة ، ولا خلاف فيه إذا كان من غلة المدخر ، وأما إذا اشترى من السوق فأجازه قوم ومنعه آخرون إذا أضر بالناس ، وهذا مذهب ادخار قوت العيال في الادخار مطلقا ، انتهى . ونقله مالك النووي عن القاضي عياض في الاشتراء من السوق ، وأنه إن كان في وقت ضيق الطعام فلا يجوز ، بل يشتري ما لا يضيق على المسلمين كقوت أيام أو أشهر ، وإن كان في وقت سعة اشترى قوت سنة كذا نقل القاضي هذا التفصيل عن أكثر العلماء ، وعن قوم إباحته مطلقا ، قال النووي رفع الضرر عن عامة الناس كما أجمع العلماء على أنه والحكمة في تحريم الاحتكار أجبر على بيعه دفعا للضرر عن الناس ، انتهى والله أعلم . لو كان عند إنسان واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره