ش : اللبن وما
[ ص: 358 ] تولد عنه سبعة أنواع حليب ومخيض ومضروب وزبد وسمن وجبن وأقط والمخيض والمضروب قال الجزولي والشيخ يوسف بن عمر كلاهما قد أخرج زبده لكن هذا على صفة والآخر على صفة أخرى ولعسر الفرق بينهما لم يعدهما الزناتي قسمين بل اكتفى بأحدهما والأقط بفتح الهمزة وكسر القاف وقد تسكن ويجوز ضم أوله وكسره قال عياض وهو جبن اللبن المستخرج زبده وخصه بالضأن وقيل لبن مجفف مستحجر يطبخ به ، قاله ابن الأعرابي ابن حجر في مقدمة فتح الباري قال اللخمي ممنوع قولا واحدا واختلف في اللبن وما يئول إليه على وجوه حليب ومخيض ومضروب وزبد وسمن وجبن وأقط فبيع كل واحد منها بجنسه غير المخيض والمضروب متفاضلا فأجازه في المدونة . بيع الحليب بالحليب متماثلا
وحكى أبو الفرج المنع ويجوز وكذلك بيع الزبد بالزبد والسمن بالسمن متماثلا إلا أن يكون اليابس بالطري الجبن بالجبن ; لأن الادخار موجود والتفاضل ممنوع والمماثلة معدومة ولا يقدر عليها ويختلف في ولا يجوز الحليب بالزبد ولا بالسمن ولا بالجبن ولا بالأقط ولا بيع شيء من هذه بالآخر فمن منع التفاضل فيهما منع أن يباع شيء منها بحليب أو بشيء مما تقدم ذكره ومن أجاز التفاضل أجاز بيع أحدها بأي ذلك أحب من الحليب وغيره وقال بيع المخيض بالمخيض والمضروب بالمضروب متفاضلا : لا بأس بالسمن باللبن الذي أخرج زبده وهذا لا يصح إلا على القول بأن التفاضل بينهما جائز ، انتهى . وما ذكره من التفاضل في المخيض والمضروب رده عليه أهل المذهب وقالوا اللبن كله ربوي وإلى هذا أشار مالك المصنف بقوله المتقدم ومطلق لبن .
واعلم أن صور بيع هذه الأنواع السبعة بعضها ببعض من نوعه أو خلاف نوعه بعد إسقاط المكرر ثمان وعشرون صورة فبيع كل واحد بنوعه جائز إذا كان متماثلا ولا يجوز التفاضل في هذه السبع صور كما صرح به وبيع كل واحد من الحليب والزبد والسمن والجبن والأقط ببقية هذه الأنواع لا يجوز متماثلا ولا متفاضلا اللخمي ; لأنه من باب بيع الرطب باليابس فلا يتحقق التماثل وأخذ من مفهوم كلام جواز ابن إسحاق وفي هذه الأنواع عشر صور ويجوز بيع الأقط بالجبن متماثلا متماثلا لا متفاضلا على المعروف ; لأنهما في الحقيقة شيء واحد وأجاز في المدونة بيع الحليب بالمضروب متماثلا فيجوز بيع المخيض بالمضروب أيضا ; لأن المضروب والمخيض سواء فهذه ثلاث صور وأجاز في المدونة أيضا بيع الحليب بالمخيض وذلك شامل لصورتين ; لأن الذي أخرج زبده يشمل المخيض والمضروب وذكر بيع السمن بلبن قد أخرج زبده ابن عرفة عن الشيخ أبي محمد أن أجاز مالكا فيجوز بيعه بالمخيض أيضا ; لأنهما شيء واحد كما قد علمت فهاتان صورتان أيضا وذكر الشيخ بيع الزبد بالمضروب أبو إسحاق أنه اختلف في على قولين بالجواز والكراهة . بيع الجبن بالمضروب
وعزا ابن عرفة الجواز لابن القاسم فيجوز عنده أيضا فهاتان صورتان أيضا فجملة الصور ستة وعشرون صورة وبقي صورتان وهي بيع الجبن بالمخيض وظاهر كلام بيع الأقط بالمخيض وبالمضروب اللخمي والجزولي والشيخ يوسف بن عمر والزناتي أن حكمهما الجواز كحكم بيع السمن والزبد والجبن بالمضروب ويؤخذ ذلك أيضا من الأبيات التي ذكرها أبو الحسن الصغير فإنه قال :
السمن والزبد والأجبان والأقط فالسمن بالزبد كل لا يجوز معا والجبن بالأقط المذكور بيعهما
مماثلا ذاك عندي ليس ممتنعا إن الحليب بهذا الكل ممتنع
وبالضريب مباح ما قد امتنعا أما الحليب فبالمضروب بعه ولا
تبغ الزيادة في شيء فيمتنعا
( تنبيه ) قال ابن عرفة ابن حبيب : لا يباع ، ونحوه رطب الجبن بيابسه لمحمد ، انتهى . وهو خلاف قول اللخمي المتقدم لما ذكر جواز بيع الجبن بالجبن حيث قال إلا أن يكون اليابس بالطري ونقله ابن يونس وغيره ثم قال ابن عرفة ، قال لا بأس بالحالوم الرطب بيابسه وبالمعصور القديم وبالجبن بالحالوم تحريا ، انتهى . وقال في النوادر ومن الواضحة : ولا يباع رطب الجبن بيابسه وهو كله صنف بقريه وغنميه . ومن كتاب مالك محمد ولا بأس بيابس الجبن برطبه على التحري إن قدر على ذلك ولا يصلح بغير تحر محمد وإنما جاز على التحري لدخول الصنعة فيه ، انتهى .
ص ( وزيتون ولحم )
ش : كذا رأيته في نسخة بعطف الزيتون بالواو فيحسن قوله لا رطبها بضمير المؤنث العائد إلى المذكورات جميعها غير أنه لو أخر قوله بمثلها عن قوله وزيتون ولحم لكان أحسن وأما على النسخ المشهورة أعني قوله كزيتون ولحم بجر الزيتون بالكاف فلا يستقيم الكلام إلا على ما قاله ابن غازي والظاهر أن لفظ رطب تكرر في عبارة المصنف كما يفهم ذلك من كلام الشارح في الكبير وصرح بذلك البساطي وضبط الأول بضم الراء وفتح الطاء والثاني بفتح الراء وسكون الطاء
ص ( لا رطبهما بيابسهما )
ش : هذا مقيد في اللحم بما إذا لم يكن في اللحم أبزار وأما إن كان فيه أبزار فهو جنس آخر كما صرح به في توضيحه وتقدم عن اللخمي أيضا عند قول المصنف ومشوي وقديد ، والله أعلم .
ص ( ومبلول بمثله )
ش : والفرق بينه وبين المشوي والقديد كثرة الاختلاف في المبلول ; ولأن أسفله لا يساوي أعلاه بخلاف الشيء فإنه لا يختلف في الغالب قال في التوضيح وفيه نظر أن العفن لا صنع لهما فيه بخلاف البلل ; ولأن المبلول يختلف نقصه إذا يبس ; لأنه قد يكون أشد إنشافا من الآخر والعفن لا يختلف إذا تساويا في العفن قال والفرق بين المبلول والعفن ابن يونس : وفرق بأن المبلول يمكن الصبر عليه حتى ييبس والعفن ليس كذلك ، والله أعلم . عبد الحق