( فرع )
قال القاضي وأقروه لو ساغ للقاضي بيعه لقضاء الدين ، وإن لم يكن المال بمحل ولايته ، وكذا إن غاب بمحل ولايته كما ذكره حضر الغريم ، وامتنع من بيع ماله الغائب لوفاء دينه به عند الطلب التاج السبكي والغزي قالا بخلاف ما لو كان بغير محل ولايته ؛ لأنه لا يمكن نيابته عنه في ، وفاء الدين [ ص: 178 ] حينئذ بخلافه في الصورتين الأولتين ، ونوزعا بتصريح الغزالي كإمامه ، واقتضاه كلام الرافعي ، وغيره بأنه لا فرق في العقار المقضي به بين كونه بمحل ولاية القاضي الكاتب ، وغيرها قال الإمام فإن قيل : كيف يقضي ببقعة ليست في محل ولايته قلنا : هذا غفلة عن حقيقة القضاء على الغائب فكما أنه يقضى على من ليس بمحل ولايته ففيما ليس فيه كذلك ، وعن هذا قال العلماء بحقائق القضاء قاض في قرية ينفذ قضاؤه في دائرة الآفاق ، ويقضي على أهل الدنيا ثم إذا ساغ القضاء على غائب فالقضاء بالدار الغائبة قضاء على غائب ، والدار مقضى بها . ا هـ .
قال غيره ، وبيع الغائبة عن الغائب عن محل ولايته قضاء عليه بقضاء دينه بلا شك ، بل ذلك أولى بالقضاء على غائب عن محل ولايته بعين في غير محل ولايته ، ويلزم السبكي والغزي ، ومن تبعهما أن يمنعوا ذلك ، ولا أظنهم يسمحون به ، وتقييد الرافعي بالحاضر في قوله : إذا ، وفاه الحاكم منه إنما هو للغالب لندرة القدرة على تيسر القضاء من المال الغائب عن محل ولايته . ا هـ . ، وعلى هذا يحمل قوله : أيضا قد يكون للغائب مال حاضر يمكن التوفية منه ، وقد لا فيسأل المدعي القاضي إنهاء الحكم إلى قاضي بلد الغائب . ا هـ . فقوله : فيسأل إنما هو لكون هذا الإنهاء أسرع في خلاص الحق ، وأقوى عليه من حكم القاضي به مع كونه بغير عمله ، وقد قال ثبت على الغائب دين ، وله مال حاضر القمولي في المفلس كابن عبد السلام باع الحاكم ماله ، وصرفه في دينه سواء أكان ماله في محل ولاية هذا الحاكم ، أو في ولاية غيره ، ونقله الأزرق عن فتاوى القاضي فثبت أن هذا هو المنقول المعتمد ، ولك أن تقول : لا شاهد في هذا ؛ لأن الغريم فيه في محل ولايته ، ولا كلام حينئذ في بيع ماله ، وإن كان خارجها ، وإنما محل الكلام إذا كان كل من المال ، والخصم في غير محل ولايته ، ولا شاهد أيضا في كلام الغزالي ، وما بعده ؛ لأنه ليس فيه تصريح بغيبتهما معا عن محل ولايته فليحمل على أن الإنهاء يخالف غيره ، أو على ما إذا كان الخصم الغائب بمحل ولايته ، والأولوية ، وحمل كلام الرافعي المذكوران ممنوعان إذ لا دليل يصرح بذلك ، وقد اعتمد بعضهم كلام السبكي والغزي فارقا بين إنهاء القاضي إلى قاضي بلد المال فيجوز مطلقا ، وبين بيعه للمال فلا يجوز إلا إن كان أحدهما في محل عمله فقال ما حاصله قال ابن قاضي شهبة ، وإنما يمتنع البيع إذا غاب هو وماله عن محل ولايته أي : فينهيه إلى حاكم بلد هو فيها ، أو ماله كما ذكره الأئمة ، ولا يجوز أن يبيع إذا خرجا عنها ، وقول بعضهم يجوز سهو ؛ لأنه إذا لم يجز له إحضاره للدعوى عليه ، وإن قرب فكيف يبيع ماله قهرا عليه .
ا هـ . وما علل به السهو هو السهو إذ لا ملازمة بين الإحضار ، والبيع ، وخالف شيخنا في فتاويه ذلك فمنع بيع ما ليس بمحل ولايته مطلقا قال كمن زوج امرأة ليست بمحل ولايته [ ص: 179 ] بمن هو فيها . ا هـ . ولا شاهد فيما ذكره ؛ لأن العبرة في التصرف في المال بقاضي بلد مالكه لا بقاضي بلد المال ؛ لأنه تابع لا مستقل بخلاف الزوجة فإنها مستقلة فاعتبرت بلدها لا غير .