( فصل )
في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك وهي أعني الشهادة تطلق على نفس تحملها وعلى نفس أدائها وعلى المشهود به وهو المراد في قوله ( تحمل الشهادة ) مصدر بمعنى المفعول أي : الإحاطة بما سيطلب منه الشهادة به فيه وكنوا عن تلك الإحاطة بالتحمل إشارة إلى أن الشهادة من أعلى الأمانات التي يحتاج حملها أي : الدخول تحت ورطتها إلى مشقة وكلفة ففيه مجازان لاستعمال التحمل والشهادة في غير معناهما الحقيقي ( فرض كفاية في النكاح ) لتوقف انعقاده عليه ولو امتنع الكل أثموا ولو طلب من اثنين لم يتعينا إن كان ثم غيرهما أي : بصفة الشهادة قال الأذرعي : وظن إجابة الغير وإلا تعينا ( وكذا الإقرار والتصرف المالي ) وغيره كطلاق وعتق ورجعة وغيرها إلا لحدود التحمل فيه فرض كفاية ( وكتابة ) بالرفع عطفا على تحمل ( الصك ) في الجملة وهو الكتاب فرض كفاية أيضا ( في الأصح ) [ ص: 268 ] للحاجة إليهما لتمهيد إثبات الحقوق عند التنازع وكتابة الصك لها أثر ظاهر في التذكر وفيها حفظ الحقوق عن الضياع وقيدت بالجملة لما مر أنه لا يلزم القاضي أن يكتب للخصم ما ثبت عنده أو حكم به .
ويظهر أن المشهود له أو عليه لو طلب من الشاهدين كتابة ما جرى تعين عليهما لكن بأجرة المثل كالأداء وإلا لم يبق لكون كتابة الصك فرض كفاية أثر ويفرق بينهما وبين القاضي بأن الشهادة عليه تغني عن كتابته ولا كذلك هنا قال ابن أبي الدم : ويسن للشاهد أن يبجل القاضي ويزيد في ألقابه أي : بالحق لا الكذب كما هو الشائع اليوم ؛ والدعاء له بنحو أطال الله بقاءك ا هـ وما ذكره آخرا ليس في محله بل هو مكروه مطلقا ولا يلزمه الذهاب للتحمل إن كان غير مقبول الشهادة مطلقا وكذا مقبولها إلا إن عذر المشهود عليه بنحو مرض أو حبس أو كان مخدرة أو دعاه قاض إلى أمر ثبت عنده ليشهده عليه قال الدارمي أو دعا الزوج أربعة إلى الشهادة بزنا زوجته بخلاف دون أربعة وبخلاف دعاء غير الزوج ، قال البلقيني نقلا عن جمع : أو لم يكن هناك ممن يقبل غيرهم وقدم هذه في السير [ ص: 269 ] إجمالا فلا تكرار


