( ولو بما لا يتغابن بمثله من مال الولي ومهر مثلها يليق به على ما مر في مبحث نكاح السفيه وغيره ( أو أنكح بنتا ) له بموحدة فنون ففوقية كما بخطه ( لا ) بمعنى غير لعدم وجود شرط العطف بها كما مر في قوله لا طهور ظهر إعرابها فيما بعدها لكونها بصورة الحرف ( رشيدة ) كمجنونة وبكر صغيرة أو سفيهة بدون مهر المثل ( أو ) نكح ) ولي أب أو جد ( لطفل ) أو مجنون أو سفيه ( بفوق مهر مثل ) ( بدونه ) أي مهر المثل بما لا يتغابن به . أنكح بنتا له ( رشيدة بكرا بلا إذن ) منها له في النقص عن مهر المثل
( فسد المسمى ) لانتفاء الحظ المشترط في تصرف الولي بالزيادة في الأولى والنقص فيما بعدها أما من مال الولي فيصح كما رجحه المتأخرون لأن في إفساده إضرارا بالابن بإلزامه بكمال المهر في ماله ولظهور هذه المصلحة لم ينظروا لتضمنه دخوله في ملك المولى قيل هذا التركيب غير مستقيم لأن لا إذا دخلت على مفرد صفة لسابق وجب تكرارها نحو { لا فارض ولا بكر } { لا شرقية ولا غربية } ا هـ وأخذ ذلك من قول المغني وكذا يجب تكرير لا إذا دخلت على مفرد خبر أو صفة أو حال كزيد ولا شاعر ولا كاتب وجاء زيد لا ضاحكا ولا باكيا { لا فارض ولا بكر } { لا بارد ولا كريم } { لا مقطوعة ولا ممنوعة } لا شرقية ولا غربية ا هـ ملخصا ويلزمه إجراء ذلك في طاهر لا طهور مع أنه وغيره أقروه وجعلوا لا فيه بمعنى غير صفة لما قبلها ظهر إعرابها فيما بعدها لكونها بصورة الحرف وقول السعد في لا هذه يحتمل أنها حرف إلى آخره لا يرد عليهم لأنه احتمال بعيد جدا وجعلهم لا في الآية الآتية [ ص: 390 ] بمعنى غير محمول على أنه تفسير معنى لا إعراب ولا ينافي ذلك ما ذكر عن المغني لأن محله كما هو واضح ودلت عليه مثلهم فيما إذا أريد الإخبار أو الوصف أو الحال بنفي متقابلين فيجب تكرير لا حينئذ لأن عدمه يوهم أن القصد نفي المجموع لا كل منهما على حدته كما صرح به السعد في لا ذلول أنها اسم بمعنى غير لكن لكونها بصورة الحرف ظهر إعرابها فيما بعدها ويحتمل أن تكون حرفا كما تجعل إلا بمعنى غير كما في مثل { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } مع أنه لا قائل باسميتها أي إلا ثم قال في قول الكشاف لا الثانية مزيدة لتأكيد الأولى .
الثانية حرف زيدت لتأكيد النفي والتأكيد لا ينافي الزيادة على أنه يفيد التصريح بعموم النفي إذ بدونها ربما يحمل اللفظ على نفي الاجتماع ولهذا تسمى لا المذكرة للنفي ا هـ ولم ينظر السعد إلى اعتراض أبي حيان الزمخشري بقوله ما ملخصه زعمه التأكيد مع الزيادة ليس بشيء لأن لا ذلول صفة منفية بلا فيجب تكرير نافيه لما دخلت عليه وتقديره لا ذلول مثيرة ولا ساقية وهو ممتنع كجاءني رجل لا كريم ا هـ لأن الحق أن ما ألزم به لا يلزمه إذ الزيادة لأجل تأكيد النفي لا يتوهم ما مر لا تنافي وجوب التكرير ولا توجب أن تقدير الآية ما ذكره ولا أنه مثل جاء رجل لا كريم فتأمله ليظهر لك أيضا أن الزيادة والتأكيد هنا غيرهما في نحو { الزمخشري ما منعك أن لا تسجد } ومن ثم قال أن لا هنا مؤكدة قائمة مقام إعادة الجملة مرة أخرى وفي المغني في نحو ما جاءني زيد ولا عمرو يسمونها زائدة وليست بزائدة ألبتة إذ مع حذفها يحتمل نفي مجيء كل منهما على كل حال ونفي اجتماعهما في وقت [ ص: 391 ] المجيء فإذا جيء بها صار نصا في المعنى الأول بخلاف { ابن جني وما يستوي الأحياء ولا الأموات } أنها لمجرد التأكيد ا هـ وهو موافق لما مر عن السعد ومؤيد لما رددت به ما مر عن أبي حيان .
واعلم أن لا في كل ما ذكر بمعنى غير فما وقع لبعضهم أن التي بمعنى غير قسيمة لما يجب تكريرها غير مراد وقد صرحوا بأن لا العاطفة والجوابية لم يقعا في القرآن ويجب تكرير لا أيضا إذا وليها جملة اسمية صدرها معرفة أو نكرة ولم تعمل فيها أو فعل ماض ولو تقديرا ( والأظهر صحة ) لأن فساد الصداق لا يفسده كما مر وفارق عدم صحته من غير كفء بأن إيجاب مهر المثل هنا تدارك لما فات من المسمى وذاك لا يمكن تداركه النكاح بمهر المثل