( ولو قال مستحق ) قود ( يمين ) ، وهو مكلف لجان حر مكلف : ( أخرجها ) أي يمينك لأقطعها قودا ( فأخرج يسارا ) له ( وقصد إباحتها ) عالما ، أو جاهلا على الأوجه فقطعها المستحق ( فمهدرة ) لا ضمان فيها ، ولا في سرايتها ، وإن لم يتلفظ بالإذن في القطع ، ولو علم القاطع أنها اليسار وأنها لا تجزئ ؛ لأن إخراجها بقصد إباحتها بذل لها مجانا نعم يعزر العالم منهما بالتحريم ، وكنية إباحتها ما لو علم أن المطلوب منه اليمين فأخرج اليسار مع علمه بأنها لا تجزئ ، ولم يقصد العوضية ويبقى قود اليمين كما بأصله وذكره بعد ومحله إن لم يظن القاطع إجزاءها وإلا سقط لتضمن رضاه باليسار بدلا العفو وله دية يمينه وكذا لو علم عدم إجزائها شرعا لكن جعلها عوضا ، ولا نظر لقصد الإباحة حينئذ ؛ لأن رضا المستحق بالعوضية متضمن للعفو عن القطع ، وإن فسد العوض
أما المستحق المجنون أو الصبي فالإخراج له يهدرها ؛ لأنه تسليط له عليها وأما المخرج القن فقصده الإباحة لا يهدر يساره ؛ لأن الحق لسيده لكن الأوجه أنه يسقط قودها إذا كان القاطع قنا وأما المخرج المجنون أو الصبي فلا عبرة بإخراجه ثم إن علم المقتص قطع وإلا لزمته الدية ( وإن قال ) المخرج بعد قطعها ( جعلتها ) حالة الإخراج عوضا ( عن اليمين وظننت إجزاءها ) عنها ( فكذبه ) القاطع في ظنه الذي رتب عليه الجعل المذكور وقال بل عرفت أنها لا تجزئ وسيأتي أن هذا مجرد تصوير وقول أصله عرفت يحتمل أنه بضم التاء فيكون أخف إيهاما لما يأتي ، أو بفتحها [ ص: 444 ] فيوافق المتن فاندفع الجزم بضمها حتى يبنى عليه الاعتراض على المتن
( فالأصح ) أنه ( لا قصاص في اليسار ) على قاطعها سواء أظن أنه أباحها أو أنها اليمين ، أو علمها اليسار وأنها لا تجزئ أو قطعها عن اليمين ظانا إجزاءها ؛ لأن مخرجها سلطه عليها بجعلها عوضا ومن ثم لا قود فيها ، وإن صدقه في الظن المذكور على الأصح أيضا بل وإن انتفى الظن المذكور من أصله خلافا لما يوهمه كلام أصله أيضا وغيره لما تقرر أن المسقط للقود هو قصد جعلها عوضا فتفريعه ذلك على التكذيب مجرد تصوير لا مفهوم له بدليل كلامه في الروضة ( وتجب دية ) لليسار ؛ لأن الجعل المذكور منع كونه بذلها مجانا ( ويبقى ) حيث لم يظن القاطع إجزاءها ، ولا جعلها عوضا ( قصاص اليمين ) في الأولى كما مر وفي هذه ؛ لأنه لم يستوفه ، ولا عفا عنه نعم يلزمه الصبر به إلى اندمال يساره لئلا تهلكه الموالاة أما إذا ظن إجزاءها ، أو جعلها عوضا فلا يبقى لما مر أن ذلك متضمن للعفو ولكل على الآخر دية
( وكذا لو قال ) المخرج ( دهشت ) بضم ، أو فتح فكسر - عن كونها اليسار ( فظننتها اليمين ) ، أو لم أسمع إلا أخرج يسارك أو ظننته [ ص: 445 ] قال ذلك ( وقال القاطع ظننتها اليمين ) فلا قود في اليسار على الأصح ؛ لأن هذا الاشتباه قريب وتجب ديتها ويبقى قود اليمين وخرج بقول القاطع ذلك ما لو قال علمت أنها اليسار وأنها لا تجزئ أو دهشت فلم أدر ما قطعت أو ظننت أنه أباحها بالإخراج فيجب على القاطع القود في اليسار أما الأولى فواضح وأما الثانية فلأن الدهشة لا تليق بحال القاطع وأما الثالثة فكمن قتل رجلا وقال ظننته أذن لي في قتله
وإنما أفاد ظن الإباحة مع جعلها عوضا لتضمن جعله الإذن في قطعها كما مر وهنا إخراجها لما اقترن بنحو دهش لم يتضمن إذنا أصلا فاندفع استشكاله بأن الفعل المطابق للسؤال كالإذن لفظا وفي جميع هذه الصور لا يسقط قود اليمين إلا إن ظن القاطع الإجزاء ، أو جعلها عوضا وحيث سقط قود اليسار بغير الإباحة ، أو القائم مقامها وجبت ديتها وهي في ماله لا على عاقلته لتعمده . وأخذ الدية ممن قال له خذها عن اليمين عفو عن قودها ويصدق كل في علمه وظنه ؛ لأنه لا يعلم إلا منه وفارق ما هنا إجزاء قطع اليسار عن اليمين في حد السرقة إذا أخرجها وقد دهش ، أو ظن إجزاءها عن اليمين لا إذا قصد إباحتها بأن القصد من الحد التنكيل وتعطيل الآلة الباطشة وقد حصل ، والقصاص مبني على المماثلة .