قوله عز وجل:
يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون
"يوم" بدل من الأول في قوله تعالى: يوم يبعثون ، والمعنى: يوم لا تنفع أعلاق الدنيا ومحاسنها، فقصد من ذلك الذكر العظيم والأكثر; لأن المال والبنين هما زينة الحياة الدنيا، والظاهر أن الاستثناء منقطع، أي: لكن من أتى الله بقلب سليم ينفعه سلامة قلبه، وقوله: بقلب سليم معناه: خالص من الشرك والمعاصي وعلق الدنيا المتروكة وإن كانت مباحة كالمال والبنين، قال : هو الذي يلقى ربه وليس في قلبه شيء غيره. سفيان
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
وهذا يقتضي عموم اللفظة، ولكن السليم من الشرك هو الأهم، وقال : بقلب لديغ من خشية الله، و "السليم": اللديغ. الجنيد
"وأزلفت" معناه: قربت، و "الغاوون الذين برزت لهم الجحيم" هم المشركون، بدلالة أنهم خوطبوا في أمر الأصنام، والقول لهم: أين ما كنتم تعبدون من دون الله [ ص: 493 ] هو على وجه التقريع والتوبيخ والتوقيف على عدم نظرتهم نحوه. وقرأ : "فبرزت" بالفاء، والجمهور بالواو. وقرأ الأعمش : "وبرزت" بفتح الباء والتخفيف ورفع "الجحيم". مالك بن دينار
ثم أخبر عن حال يوم القيامة من أن الأصنام تكبكب في النار، أي تلقى كبة واحدة، ووصل بها ضمير من يعقل من حيث ذكرت بالعبادة، وكانت يسند إليها أفعال من يعقل. والضمير في قوله: "هم" يعود على الكفار، و "الغاوون": الشياطين. و "كبكب" مضاعف من "كب"، هذا قول الجمهور، وهو الصحيح; لأن معناهما واحد، والتضعيف بين، مثل: صر وصرصر، وغير ذلك. و "الغاوون": الكفرة الذين شملتهم الغواية. و " جنود إبليس " : نسله وكل من تبعه لأنهم جند له وأعوان.