تفسير سورة الفلق
هذه السورة قال : هي مدنية، وقال ابن عباس : هي مكية. قتادة
قوله عز وجل:
قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد
الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد هو وآحاد أمته.
وقال ابن عباس ، وابن جبير ، والحسن والقرطبي، ، وقتادة : "الفلق": الصبح، كقوله تعالى: وابن زيد "فالق الإصباح" وقال أيضا وجماعة من الصحابة والتابعين: الفلق: جب في جهنم، ورواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم. أبو هريرة
وقوله تعالى: من شر ما خلق يعم كل موجود له شر. وقرأ وبعض عمرو بن عبيد المعتزلة القائلين بأن الله تعالى لم يخلق الشر: "من شر" بالتنوين "ما خلق" على النفي، وهذه قراءة مردودة مبنية على مذهب باطل، فالله تعالى خالق كل شيء.
واختلف الناس في "الغاسق إذا وقب"، فقال ، ابن عباس ومجاهد : الغاسق : الليل، ووقب: أظلم ودخل على الناس، وقال الشاعر : والحسن
إن هذا الليل قد غسقا وشكوت الهم والأرقا
[ ص: 715 ] وقال : "غاسق": النهار "إذا وقب" أي دخل في الليل، وقال محمد بن كعب عن ابن زيد العرب: الغاسق سقوط الثريا، وكانت الأسقام والطاعون تهيج عنده، وقال عليه الصلاة والسلام: "النجم هو الغاسق" فيحتمل أن يريد الثريا، رضي الله عنها -وقد نظر إلى القمر-: "تعوذي بالله من شر غاسق إذا وقب، فهذا هو"، لعائشة وقال وقال عليه السلام القتبي وغيره: هو البدر إذا دخل في ساهوره فخسف، قال : الغاسق إذا وقب : الشمس إذا غربت، و"وقب" في كلام الزهري العرب: دخل"......".
و ( النفاثات في العقد ) : السواحر، ويقال: إن الإشارو أولا إلى بنات لبيد بن الأعصم اليهودي كن ساحرات، وهن اللواتي سحرن النبي صلى الله عليه وسلم، وعقد له إحدى عشرة عقدة، فأنزل الله تعالى إحدى عشرة آية بعدد العقد هى المعوذتان، فشفى النبي صلى الله عليه وسلم، و" النفث": شبه النفخ دون تفل ريق، وهذا النفث هو على تعقد في خيوط ونحوها على اسم المسحور فيؤذى بذلك، وهذا الشأن في زماننا موجود شائع في صحراء المغرب، وحدثني ثقة أنه رأى عند بعضهم خيطا أحمر قد عقدت فيه عقد على فصلان، فمنعت بذلك رضاع أمهاتها، فكان إذا حل عقدة جرى ذلك الفصيل إلى [ ص: 716 ] أمه في الحين فرضع، أعاذنا الله تعالى من شر السحرة بقدرته. وقرأ عبد الله بن القاسم ، ، والحسن : "النافثات". وابن عمر
وقوله تعالى: ومن شر حاسد إذا حسد ، قال : من شر عينه ونفسه، يريد السعي الخبيث والإذاية كيف قدر; لأنه عدو مجد ممتحن، وقال الشاعر: قتادة
كل العداوة قد ترجى إماتتها إلا عداوة من عاداك من حسد
وعين الحاسد في الغالب لاقفة، نعوذ بالله عز وجل من شرها، قال الشاعر:
وإذا أراد الله نشر فضيلة .. طويت أتاح لها لسان حسود
والحسد في الاثنتين اللتين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسد مستحسن غير ضار ، وإنما هو باعث على خير.
وهذه السورة خمس آيات، فقال بعض الحذاق هي مراد الناس بقولهم للحاسد إذا نظر إليهم: الخمس على عينيك وقد غلطت العامة في هذا فيشيرون بالأصابع لكونها خمسة.
وأمال "حاسد"، والباقون بفتح الحاء، وقال أبو عمرو الحسن بن الفضل: ذكر الله تعالى الشرور في هذه السورة ثم ختمها بالحسد ليظهر أنه أخس طبع.
كمل تفسير سورة [الفلق] والحمد لله رب العالمين.