قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=30532_30554_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=4أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون nindex.php?page=treesubj&link=28723_30292_30347_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=5من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم nindex.php?page=treesubj&link=28723_29711_30503_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=6ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين nindex.php?page=treesubj&link=28640_30495_30531_30538_34113_34134_34135_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون
"أم" معادلة للألف في قوله: "أحسب"، وكأنه عز وجل قرر الفريقين، قرر المؤمنين على ظنهم أنهم لا يفتنون، وقرر الكافرين الذين يعملون السيئات بتعذيب المؤمنين وغير ذلك على ظنهم أنهم يسبقون عقاب الله تعالى ويعجزونه.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=4الذين يعملون السيئات -وإن كان الكفار المراد الأول بحسب النازلة التي الكلام فيها- فإن لفظ الآية يعم كل عاص وعامل سيئة من المسلمين وغيرهم. وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=4ساء ما يحكمون يجوز أن تكون "ما" بمعنى الذي، فهي في موضع رفع، ويجوز أن تكون في موضع نصب على تقدير: ساء حكما يحكمونه. وفي هذه الآية وعيد للكفرة، وتأنيس للمؤمنين يظهر في وعده بالنصر في القيامة، وبأنه آت; إذ قد أجله الله تعالى وأخبر به.
وفي قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=5من كان يرجو لقاء الله تثبيت، أي: من كان على هذا الحق فليوقن بأنه آت وليزدد بصيرة، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : "يرجو" هنا بمعنى: يخاف، والصحيح أن الرجاء هنا على بابه، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : المعنى: لقاء ثواب الله، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=5وهو السميع العليم معناه: لأقوال كل فرقة، العليم بالمعتقدات التي لهم.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=6ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إعلام بأن كل واحد مجازى بفعله الحسن، فهو حظه الذي ينبغي ألا يفرط فيه، فإن الله غني عن جهاده وعن العالمين بأسرهم.
وهاتان الآيتان كأنهما [.....] على سواء إلى الطائفة المرتابة المترددة في فتنة
[ ص: 626 ] الكفار، التي كانت تنكر أن ينال الكفار المؤمنين بمكروه، وترتاب من أجل ذلك، فكأنهم قيل لهم: من كان يؤمن بالبعث فإن الأمر حق في نفسه، والله تعالى بالمرصاد، أي: هذه بصيرة لا ينبغي أن يعتقدها لوجه أحد. وكذلك من جاهد فثمرة جهاده له، فلا يمن بذلك على أحد، وهذا كما يقول المناظر عند سوق حجته: من أراد أن ينظر إلى الحق فإن الأمر كذا وكذا، ونحو هذا فتأمله.
وقيل: معنى الآية: ومن جاهد عدوه لنفسه لا يريد وجه الله، فإنما جهاده لنفسه لا لله تعالى، وليس لله بجهاده.
قال
القاضي أبو محمد رحمه الله :
وهذا قول ذكره المفسرون، وهو قول ضعيف.
وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7والذين آمنوا الآية، إخبار عن المؤمنين المهاجرين الذين هم في أعلى رتبة من البدار إلى الله تبارك وتعالى، أشاد بهم عز وجل وبحالهم ليقيم بهم نفوس المتخلفين عن الهجرة، وهم الذين فتنهم الكفار إلى الحصول في هذه المرتبة، و "السيئة": الكفر وما اشتمل عليه، ويدخل في ذلك المعاصي من المؤمنين مع الأعمال الصالحة واجتناب الكبائر، وفي قوله عز وجل:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7ولنجزينهم أحسن حذف مضاف تقديره: ثواب أحسن الذي كانوا يعملون.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=30532_30554_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=4أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ nindex.php?page=treesubj&link=28723_30292_30347_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=5مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=treesubj&link=28723_29711_30503_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=6وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=treesubj&link=28640_30495_30531_30538_34113_34134_34135_29000nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ
"أَمْ" مُعَادِلَةٌ لِلْأَلِفِ فِي قَوْلِهِ: "أَحَسِبَ"، وَكَأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَرَّرَ الْفَرِيقَيْنِ، قَرَّرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُفْتَنُونَ، وَقَرَّرَ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ بِتَعْذِيبِ الْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُمْ يَسْبِقُونَ عِقَابَ اللَّهِ تَعَالَى وَيُعْجِزُونَهُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=4الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ -وَإِنْ كَانَ الْكَفَّارُ الْمُرَادَ الْأَوَّلَ بِحَسْبِ النَّازِلَةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا- فَإِنَّ لَفْظَ الْآيَةِ يَعُمْ كُلَّ عَاصٍ وَعَامِلِ سَيِّئَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ. وَقَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=4سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ "مَا" بِمَعْنَى الَّذِي، فَهِيَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى تَقْدِيرِ: سَاءَ حُكْمًا يَحْكُمُونَهُ. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ وَعِيدٌ لِلْكَفَرَةِ، وَتَأْنِيسٌ لِلْمُؤْمِنِينَ يَظْهَرُ فِي وَعْدِهِ بِالنَّصْرِ فِي الْقِيَامَةِ، وَبِأَنَّهُ آتٍ; إِذْ قَدْ أَجَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَخْبَرَ بِهِ.
وَفِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=5مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ تَثْبِيتٌ، أَيْ: مَنْ كَانَ عَلَى هَذَا الْحَقِّ فَلْيُوقِنْ بِأَنَّهُ آتٍ وَلْيَزْدَدْ بَصِيرَةً، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ : "يَرْجُو" هُنَا بِمَعْنَى: يَخَافُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الرَّجَاءَ هُنَا عَلَى بَابِهِ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : الْمَعْنَى: لِقَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=5وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ مَعْنَاهُ: لِأَقْوَالِ كُلِّ فُرْقَةٍ، الْعَلِيمُ بِالْمُعْتَقَدَاتِ الَّتِي لَهُمْ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=6وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِعْلَامٌ بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مُجَازَى بِفِعْلِهِ الْحَسَنِ، فَهُوَ حَظُّهُ الَّذِي يَنْبَغِي أَلَّا يُفَرِّطَ فِيهِ، فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ جِهَادِهِ وَعَنِ الْعَالَمِينَ بِأَسْرِهِمْ.
وَهَاتَانِ الْآيَتَانِ كَأَنَّهُمَا [.....] عَلَى سَوَاءٍ إِلَى الطَّائِفَةِ الْمُرْتَابَةِ الْمُتَرَدِّدَةِ فِي فِتْنَةِ
[ ص: 626 ] الْكَفَّارِ، الَّتِي كَانَتْ تُنْكِرُ أَنْ يَنَالَ الْكُفَّارُ الْمُؤْمِنِينَ بِمَكْرُوهٍ، وَتَرْتَابُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُمْ قِيلَ لَهُمْ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ فَإِنَّ الْأَمْرَ حُقٌّ فِي نَفْسِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى بِالْمِرْصَادِ، أَيْ: هَذِهِ بَصِيرَةٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْتَقِدَهَا لِوَجْهِ أَحَدٍ. وَكَذَلِكَ مَنْ جَاهَدَ فَثَمَرَةُ جِهَادِهِ لَهُ، فَلَا يَمُنُّ بِذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ، وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْمُنَاظِرُ عِنْدَ سَوْقِ حُجَّتِهِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْحَقِّ فَإِنَّ الْأَمْرَ كَذَا وَكَذَا، وَنَحْوُ هَذَا فَتَأَمَّلْهُ.
وَقِيلَ: مَعْنَى الْآيَةِ: وَمَنْ جَاهَدَ عَدُّوَّهُ لِنَفْسِهِ لَا يُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ، فَإِنَّمَا جِهَادُهُ لِنَفْسِهِ لَا لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ لِلَّهِ بِجِهَادِهِ.
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَهَذَا قَوْلٌ ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7وَالَّذِينَ آمَنُوا الْآيَةُ، إِخْبَارٌ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي أَعْلَى رُتْبَةٍ مِنَ الْبِدَارِ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَشَادَ بِهِمْ عَزَّ وَجَلَّ وَبِحَالِهِمْ لِيُقِيمَ بِهِمْ نُفُوسَ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنِ الْهِجْرَةِ، وَهُمُ الَّذِينَ فَتَنَهُمُ الْكُفَّارُ إِلَى الْحُصُولِ فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ، وَ "السَّيِّئَةُ": الْكُفْرُ وَمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمَعَاصِي مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ، وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=7وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ حَذْفُ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ: ثَوَابَ أَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ.