قوله عز وجل:
ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين.
أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لولا دفعه بالمؤمنين في صدور الكفرة على مر الدهر لفسدت الأرض، لأن الكفر كان يطبقها ويتمادى في جميع أقطارها ولكنه تعالى لا يخلي الزمان من قائم بحق، وداع إلى الله، ومقاتل عليه، إلى أن جعل ذلك في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة- له الحمد كثيرا.
قال وأكثر المفسرين على أن المعنى: لولا أن الله يدفع بمن يصلي عمن لا يصلي وبمن يتقي عمن لا يتقي لأهلك الناس بذنوبهم. مكي:
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وليس هذا معنى الآية ولا هي منه في ورد ولا صدر- والحديث الذي رواه صحيح وما ذكر ابن [ ص: 18 ] عمر من احتجاج مكي عليه بالآية لا يصح عندي، لأن ابن عمر من الفصحاء. ابن عمر
وقرأ أبو عمرو، "ولولا دفع الله"، وفي الحج: "إن الله يدفع". وقرأ وابن كثير: "ولولا دفاع الله" ، "وإن الله يدافع" . وقرأ الباقون: "ولولا دفع الله"، "وإن الله يدافع"، ففرقوا بينهما، والدفاع يحتمل أن يكون مصدر دفع ككتب كتابا ولقي لقاء، ويحتمل أن يكون مصدر دافع كقاتل قتالا. نافع:
والإشارة بتلك إلى ما سلف من القصص والأنباء. وفي هذه القصة بجملتها مثال عظيم للمؤمنين ومعتبر، وقد كان أصحاب محمد معدين لحرب الكفار، فلهم في هذه النازلة معتبر يقتضي تقوية النفوس، والثقة بالله، وغير ذلك من وجوه العبرة.