فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم
هذا دعاء إلى الله تعالى وتبليغ وتحذير، و"النور" القرآن. والعامل في "يوم" [ ص: 321 ] يحتمل أن يكون "تنبؤن"، ويحتمل أن يكون "خبير"، وهو تعالى خبير في كل يوم ولكن يخص ذلك اليوم لأنه يوم تضرهم فيه خبرة الله تعالى بأمورهم، وقرأ جمهور السبعة: "يجمعكم" بضم العين، وقرأ بسكونها، وروي عنه أنه أشمها الضم، وهذا على جواز تسكين الحركة وإن كانت لإعراب، كما قال أبو عمر جرير :
. . . . . . . . . . . . فلم تعرفكم العرب
وذلك أن كل واحد ينبعث من قبره وهو يرجو حظا أومنزلة، فإذا وقع الجزاء عير المؤمنون الكافرين لأنهم يجزون الجنة ويحصل الكفار في النار، نحا هذا المعنى و"يوم الجمع" هو يوم القيامة، وهو يوم التغابن; وغيره، وليس هذا الفعل في "التغابن" من اثنين، بل هو كتواضع وتحامل. مجاهد
وقرأ ، نافع ، وابن عامر عن والمفضل : "نكفر" بنون، وكذلك "ندخله"، وهي قراءة عاصم ، الأعرج ، وأبي جعفر وشيبة ، بخلاف- والحسن ، وقرأ الباقون، وطلحة ، والأعمش ، وعيسى في الموضعين بالياء، على معنى: يكفر الله، والأول هو نون العظمة. والحسن
وقوله تعالى: ما أصاب من مصيبة يحتمل أن يريد المصائب التي هي رزايا، وخصها بالذكر لأنها الأهم على الناس والأبين أثرا في نفوسهم، ويحتمل أن يريد جميع الحوادث من خير وشر، وذلك أن الحكم واحد في أنها بإذن الله تعالى، و"الإذن" في [ ص: 322 ] هذا الموضع عبارة عن العلم والإرادة وتمكين الوقوع.
وقوله تعالى: ومن يؤمن بالله يهد قلبه قال فيه المفسرون: المعنى: وسلم الأمر لله تعالى. وقرأ من آمن بالله تعالى وعرف أن كل شيء بقضاء الله وقدره وعلمه، هانت عليه مصيبته، سعيد بن جبير : "نهد" بالنون، وقرأ وطلحة بن مصرف : "يهد" بضم الياء وفتح الدال "قلبه" رفعا، وقرأ الضحاك أنه سكن بدل الهمزة ألفا، على معنى أن صاحب المصيبة يسلم فتسكن نفسه، ويرشد الله تعالى المؤمن به إلى الصواب في الأمور. وقوله تعالى: عكرمة والله بكل شيء عليم عموم مطلق على ظاهره.