[ ص: 535 ] بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة عبس
وهي مكية بإجماع من المفسرين.
وقصص هذه السورة التي لا تفهم الآية إلا به أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شديد الحرص على إسلام
قريش وأشرافهم، وكان يتحفى بدعائهم إلى الله تعالى، فبينما هو يوما مع رجل من عظمائهم، قيل
الوليد بن المغيرة المخزومي، وقيل:
عتيبة بن ربيعة، وقيل:
شيبة، وقيل:
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ، وقيل:
أمية بن خلف، وقيل
أبي بن خلف: وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
كان في جمع منهم، فيهم عتبة والعباس وأبو جهل، إذ أقبل عبد الله بن أم مكتوم القرشي الفهري من بني عامر بن لؤي، وهو رجل أعمى، يقوده رجل آخر، فأومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قائده أن يؤخره عنه، ففعل، فدفعه عبد الله وأقبل نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: استدنني يا محمد، علمني مما علمك الله، فكان في ذلك كله قطع لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الرجل المذكور من قريش، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قرأ عليه القرآن وقال له: أترى بما أقول بأسا؟ فكان ذلك الرجل يقول: لا والدمى -يعني الأصنام- ويروى: لا والدما- يعني الذبائح للأصنام-، فلما شغب عليه أمر عبد الله بن أم مكتوم عبس وأعرض عنه، وذهب ذلك الرجل، فيروي أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف إلى بيته فلوى رأسه وشخص بصره وأنزلت عليه هذه السورة. قال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : فكان بعد ذلك إذا رأى nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم قال: مرحبا بمن عاتبني فيه ربي عز [ ص: 536 ] وجل، وبسط له رداءه، وقال له nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك : رأيته يوم القادسية وعليه درع ومعه راية سوداء، واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة مرتين.
قوله عز وجل:
nindex.php?page=treesubj&link=28751_32022_32343_34166_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عبس وتولى nindex.php?page=treesubj&link=32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=2أن جاءه الأعمى nindex.php?page=treesubj&link=32022_32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=3وما يدريك لعله يزكى nindex.php?page=treesubj&link=32022_32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=4أو يذكر فتنفعه الذكرى nindex.php?page=treesubj&link=32343_34199_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=5أما من استغنى nindex.php?page=treesubj&link=30610_32343_34199_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=6فأنت له تصدى nindex.php?page=treesubj&link=32028_32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=7وما عليك ألا يزكى nindex.php?page=treesubj&link=32022_32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=8وأما من جاءك يسعى nindex.php?page=treesubj&link=32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=9وهو يخشى nindex.php?page=treesubj&link=32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=10فأنت عنه تلهى nindex.php?page=treesubj&link=29785_34225_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=11كلا إنها تذكرة nindex.php?page=treesubj&link=29785_34225_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=12فمن شاء ذكره nindex.php?page=treesubj&link=30356_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=13في صحف مكرمة nindex.php?page=treesubj&link=30356_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=14مرفوعة مطهرة nindex.php?page=treesubj&link=29747_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=15بأيدي سفرة nindex.php?page=treesubj&link=28734_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=16كرام بررة nindex.php?page=treesubj&link=19059_30549_34336_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=17قتل الإنسان ما أكفره nindex.php?page=treesubj&link=32324_29051 "العبوس": تقطيب الوجه واربداده عند كراهية أمر ، وفي مخاطبته صلى الله عليه وسلم بلفظ ذكر الغائب مبالغة في العتب، لأن في ذلك بعض الإعراض، وقال كثير من العلماء،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة وغيرهما من الصحابة: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآيات وآيات قصة
زيد nindex.php?page=showalam&ids=15953وزينب بنت جحش . و"التولي" هنا الإعراض، و"أن" مفعول من أجله. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: "آن جاءه" بمدة تقرير وتوقيف، والوقف -على هذه القراءة- على "تولى" وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16748عيسى. وذكر الله تعالى
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم بصفة العمى الذي شأن البشر احتقاره، وبين أمره بذكر ضده من غنى ذلك الكافر، وفي ذلك دليل على أن ذكر هذه العاهات، متى كانت لمنفعة أو لأن شهرتها تعرف السامع صاحبها دون لبس، جائز، ومنه قول المحدثين
nindex.php?page=showalam&ids=13726سليمان الأعمش ،
وعبد الرحمن الأعرج ،
وسالم الأفطس، ونحو هذا. ومتى ذكرت هذه الأشياء على جهة التنقص فتلك الغيبة،
nindex.php?page=hadith&LINKID=676155وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها تذكر امرأة، فقالت: إنها لقصيرة، فقال عليه الصلاة والسلام: "لقد قلت كلمة لو مزجت بالبحر لمزجته".
ثم خاطب تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالعتب فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=3وما يدريك لعله يزكى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=4أو يذكر فتنفعه [ ص: 537 ] الذكرى أي: وما يطلعك على أمره وعقبى حاله؟ ثم ابتدأ القول: "لعله يزكى"، أي: تنمو بركته ويتطهره لله تعالى وينفع إيمانه. وأصل "يزكى": يتزكى، فأدغم التاء في الزاي، وكذلك "يذكر". وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج : "يذكر" بسكون الذال وضم الكاف، ورويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ، وقرأ جمهور السبعة: "فتنفعه" بضم العين على العطف، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم وحده،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج : "فتنفعه" بالنصب في جواب التمني; لأن قوله تعالى: "أو يذكر" في حكم قوله سبحانه: "لعله يزكى".
ثم أكد تعالى عتب نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=5أما من استغنى أي بماله، و"تصدى" معناه: تتعرض بنفسك، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع : "تصدى" بشد الصاد، على إدغام التاء، وقرأ الباقون،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16748وعيسى ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش "تصدى" بتخفيف الصاد على حذف التاء، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر بن القعقاع: "تصدى" بضم التاء وتخفيف الصاد، على بناء الفعل للمجهول، أي: تصديك حرصك على هؤلاء الكفار أن يسلموا، تقول: تصدى الرجل وصديته، كما تقول: تكسب وكسبته، ثم قال تعالى تحقيرا لشأن الكفار:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=7وما عليك ألا يزكى أي: وما يضرك ألا يفلح؟ فهذا حض على الإعراض عن أمرهم، وترك الاكتراث بهم.
ثم قال تعالى مبالغا في العتب:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=8وأما من جاءك يسعى ، أي يمشي، وقيل: المعنى: يسعى في شئونه وأمر دينه وتقربه منك، وهو يخشى الله تعالى،
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=10فأنت عنه تلهى ، أي: تشتغل، تقول: لهيت عن الشيء ألهى إذا اشتغلت، وليس من اللهو الذي هو من ذوات الواو، أما إن المعنى يتداخل. وقرأ الجمهور من القراء: "تلهى" بفتح التاء على حذف التاء الواحدة، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير -فيما روي عنه-: "تلهى" بالإدغام، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف : "تتلهى" بتاءين، وروي عنه "تلهى" بفتح التاء وسكون اللام وتخفيف الهاء المفتوحة، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر بن القعقاع: "تلهى" بضم التاء، أي يلهيك حرصك على أولئك الكفار، وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
"وما استأثر الله به فاله عنه" وقوله تعالى
[ ص: 538 ] في هاتين: ( أما من ) ، ( وأما من ) فالسبب ما ذكر من كفار
قريش وعبد الله بن أم مكتوم، ثم هي بعد تتناول من شركهم في هذه الأوصاف، فحملة الشرع والعلم مخاطبون في تقريب الضعيف من أهل الخير، وتقديمه على الشريف العاري من الخير، بمثل ما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم في هذه السورة.
ثم قال: "كلا" يا
محمد، أي: ليس الأمر في حقه كما فعلت، إن هذه السورة والقراءة التي كنت فيها مع ذلك الكافر تذكرة لجميع العالم، لا يؤثر فيها أحد دون أحد، وقيل: المعنى إن هذه المعتبة تذكرة لك يا
محمد، ففي هذا التأويل إجلال
لمحمد صلى الله عليه وسلم وتأنيس له، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=13في صحف يتعلق بقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=11إنها تذكرة ، وهذا يؤيد أن التذكرة يراد بها جميع القرآن، وقال بعض المتأولين: الصحف هنا اللوح المحفوظ، وقيل: صحف الأنبياء عليهم السلام المنزلة، وقيل: مصاحف المسلمين.
واختلف الناس في "السفرة" ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما: هم الملائكة لأنهم كتبة، يقال: سفرت أي كتبت، ومنه السفر، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما:
nindex.php?page=treesubj&link=29747_29051الملائكة سفرة لأنهم يسفرون بين الله تعالى وبين أنبيائه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : هم القراء، وواحد السفرة: سافر، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : هم الصحابة; لأن بعضهم يسفر إلى بعض في الخبر والتعليم والتعلم، والقول الأول أرجح، ومن اللفظة قول الشاعر: .
وما أدع السفارة بين قومي ... ولا أمشي بغش إن مشيت
و"الصحف" -على هذا- صحف عند الملائكة أو اللوح، وعلى القول الآخر هي المصاحف.
[ ص: 539 ] وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=17قتل الإنسان دعاء على اسم الجنس، وهو عموم يراد به الخصوص، والمعنى: قتل الإنسان الكافر، ومعنى "قتل": هو أهل أن يدعى عليه بهذا، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : "قتل" معناه: لعن، وهذا تحكم، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=17ما أكفره يحتمل معنى التعجب، ويحتمل معنى الاستفهام توقيفا، أي: أي شيء أكفره؟ أي جعله كافرا.
وقيل:
إن هذه الآية نزلت في عتبة بن أبي لهب، وذلك أنه غاضب أباه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن أباه استصلحه وأعطاه مالا وجهزه إلى الشام، فبعث عتبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إني كافر برب النجم إذا هوى، فيروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم ابعث إليه كلبك حتى يأكله"، ويروى أنه قال: "ما يخاف أن يرسل الله عليك كلبه"، ثم إن عتبة خرج في سفرة فجاء الأسد فأكله بين الرفقة.
[ ص: 535 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
تَفْسِيرُ سُورَةِ عَبَسَ
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ.
وَقِصَصُ هَذِهِ السُّورَةِ الَّتِي لَا تُفْهَمُ الْآيَةُ إِلَّا بِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ شَدِيدَ الْحِرْصِ عَلَى إِسْلَامِ
قُرَيْشٍ وَأَشْرَافِهِمْ، وَكَانَ يَتَحَفَّى بِدُعَائِهِمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا مَعَ رَجُلٍ مِنْ عُظَمَائِهِمْ، قِيلَ
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ، وَقِيلَ:
عُتَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَقِيلَ:
شَيْبَةُ، وَقِيلَ:
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسُ ، وَقِيلَ:
أُمِّيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَقِيلَ
أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ: وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ :
كَانَ فِي جَمْعٍ مِنْهُمْ، فِيهِمْ عُتْبَةُ وَالْعَبَّاسُ وَأَبُو جَهْلٍ، إِذْ أَقْبَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَمِّ مَكْتُومٍ الْقُرَشِيُّ الْفِهْرِيُّ مِنْ بَنِي عَامِرٍ بْنِ لُؤَيِّ، وَهُوَ رَجُلٌ أَعْمَى، يَقُودُهُ رَجُلٌ آخَرُ، فَأَوْمَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَائِدِهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ، فَفَعَلَ، فَدَفَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَقْبَلَ نَحْوَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: اسْتَدْنِنِي يَا مُحَمَّدُ، عِلِّمْنِي مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّهُ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قَطْعٌ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ وَقَالَ لَهُ: أَتُرَى بِمَا أَقُولُ بَأْسًا؟ فَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَقُولُ: لَا وَالدُّمَى -يَعْنِي الْأَصْنَامَ- وَيُرْوَى: لَا وَالدِّمَا- يَعْنِي الذَّبَائِحَ لِلْأَصْنَامِ-، فَلَمَّا شَغَبَ عَلَيْهِ أَمْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْن أُمِّ مَكْتُومٍ عَبَسَ وَأَعْرَضَ عَنْهُ، وَذَهَبَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَيَرْوِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ فَلَوَى رَأْسَهُ وَشَخَصَ بَصَرُهُ وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ السُّورَةُ. قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا رَأَى nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنَ أُمَّ مَكْتُومٍ قَالَ: مَرْحَبًا بِمَنْ عَاتَبَنِي فِيهِ رَبِّي عَزَّ [ ص: 536 ] وَجَلَّ، وَبَسَطَ لَهُ رِدَاءَهُ، وَقَالَ لَهُ nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : رَأَيْتُهُ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ وَمَعَهُ رَايَةٌ سَوْدَاءُ، وَاسْتَخْلَفَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ.
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=treesubj&link=28751_32022_32343_34166_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=1عَبَسَ وَتَوَلَّى nindex.php?page=treesubj&link=32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=2أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى nindex.php?page=treesubj&link=32022_32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=3وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى nindex.php?page=treesubj&link=32022_32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=4أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى nindex.php?page=treesubj&link=32343_34199_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=5أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى nindex.php?page=treesubj&link=30610_32343_34199_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=6فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى nindex.php?page=treesubj&link=32028_32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=7وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى nindex.php?page=treesubj&link=32022_32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=8وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى nindex.php?page=treesubj&link=32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=9وَهُوَ يَخْشَى nindex.php?page=treesubj&link=32343_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=10فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى nindex.php?page=treesubj&link=29785_34225_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=11كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ nindex.php?page=treesubj&link=29785_34225_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=12فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ nindex.php?page=treesubj&link=30356_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=13فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ nindex.php?page=treesubj&link=30356_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=14مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ nindex.php?page=treesubj&link=29747_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=15بِأَيْدِي سَفَرَةٍ nindex.php?page=treesubj&link=28734_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=16كِرَامٍ بَرَرَةٍ nindex.php?page=treesubj&link=19059_30549_34336_29051nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=17قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ nindex.php?page=treesubj&link=32324_29051 "الْعُبُوسُ": تَقْطِيبُ الْوَجْهِ وَارْبِدَادُهُ عِنْدَ كَرَاهِيَةِ أَمْرٍ ، وَفِي مُخَاطَبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ ذِكْرِ الْغَائِبِ مُبَالَغَةً فِي الْعَتَبِ، لِأَنَّ فِي ذَلِكَ بَعْضَ الْإِعْرَاضِ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وَابْنُ زَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=25وَعَائِشَةُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ: لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا مِنَ الْوَحْيِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَاتِ وَآيَاتِ قِصَّةِ
زَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=15953وَزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ . وَ"التَّوَلِّي" هُنَا الْإِعْرَاضُ، و"أَنْ" مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ: "آَنْ جَاءَهُ" بِمُدَّةِ تَقْرِيرٍ وَتَوْقِيفٍ، وَالْوَقْفُ -عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ- عَلَى "تَوَلَّى" وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=16748عِيسَى. وَذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنَ أُمَّ مَكْتُومٍ بِصِفَةِ الْعَمَى الَّذِي شَأْنُ الْبَشَرِ احْتِقَارُهُ، وَبَيْنَ أَمْرِهِ بِذِكْرِ ضِدِّهِ مِنْ غِنَى ذَلِكَ الْكَافِرِ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ هَذِهِ الْعَاهَاتِ، مَتَّى كَانَتْ لِمَنْفَعَةٍ أَوْ لِأَنَّ شُهْرَتَهَا تُعَرِّفُ السَّامِعَ صَاحِبَهَا دُونَ لَبْسٍ، جَائِزٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُحْدِّثِينَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ ،
وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ ،
وَسَالِمٍ الْأَفْطَسِ، وَنَحْوِ هَذَا. وَمَتَى ذُكِرَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَلَى جِهَةِ التَّنَقُّصِ فَتِلْكَ الْغَيْبَةُ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=676155وَقَدْ سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تَذْكُرُ امْرَأَةً، فَقَالَتْ: إِنَّهَا لَقَصِيرَةٌ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِالْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ".
ثُمَّ خَاطَبَ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَتَبِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=3وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=4أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ [ ص: 537 ] الذِّكْرَى أَيْ: وَمَا يُطْلِعُكَ عَلَى أَمْرِهِ وَعُقْبَى حَالِهِ؟ ثُمَّ ابْتَدَأَ الْقَوْلَ: "لَعَلَّهُ يَزَّكَّى"، أَيْ: تَنْمُو بَرَكَتُهُ وَيَتَطَهَّرُهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَيَنْفَعُ إِيمَانَهُ. وَأَصْلُ "يَزَّكَّى": يَتَزَكَّى، فَأَدْغَمَ التَّاءَ فِي الزَّايِ، وَكَذَلِكَ "يَذَّكَّرُ". وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجُ : "يَذْكُرُ" بِسُكُونِ الذَّالِ وَضُمِّ الْكَافِ، وَرَوَيْتُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٍ ، وَقَرَأَ جُمْهُورُ السَّبْعَةِ: "فَتَنْفَعُهُ" بِضَمِّ الْعَيْنِ عَلَى الْعَطْفِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عَاصِمٌ وَحْدَهُ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ : "فَتَنْفَعُهُ" بِالنَّصْبِ فِي جَوَابِ التَّمَنِّي; لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: "أَوْ يَذَّكَّرُ" فِي حُكْمِ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: "لَعَلَّهُ يَزَّكَّى".
ثُمَّ أَكَّدَ تَعَالَى عَتَبَ نَبِيَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=5أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى أَيْ بِمَالِهِ، وَ"تَصَدَّى" مَعْنَاهُ: تَتَعَرَّضُ بِنَفْسِكَ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192وَنَافِعٌ : "تَصَدَّى" بِشَدِّ الصَّادِ، عَلَى إِدْغَامِ التَّاءِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12004وَأَبُو رَجَاءٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16748وَعِيسَى ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ "تَصَدَّى" بِتَخْفِيفِ الصَّادِ عَلَى حَذْفِ التَّاءِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أَبُو جَعْفَرِ بْنِ الْقَعْقَاعِ: "تُصَدَّى" بِضَمِّ التَّاءِ وَتَخْفِيفِ الصَّادِ، عَلَى بِنَاءِ الْفِعْلِ لِلْمَجْهُولِ، أَيْ: تَصَدِّيكَ حِرْصُكَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ أَنْ يُسْلِمُوا، تَقُولُ: تَصَدَّى الرَّجُلُ وَصِدَيْتُهُ، كَمَا تَقُولُ: تَكَسَّبَ وَكَسَبَتْهُ، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى تَحْقِيرًا لِشَأْنِ الْكُفَّارِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=7وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى أَيْ: وَمَا يَضُرُّكَ أَلَّا يُفْلِحَ؟ فَهَذَا حَضٌّ عَلَى الْإِعْرَاضِ عَنْ أَمْرِهِمْ، وَتَرْكُ الِاكْتِرَاثِ بِهِمْ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مُبَالِغًا فِي الْعَتَبِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=8وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى ، أَيْ يَمْشِي، وَقِيلَ: الْمَعْنَى: يَسْعَى فِي شُئُونِهِ وَأَمْرِ دِينِهِ وَتَقَرُّبُهُ مِنْكَ، وَهُوَ يَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى،
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=10فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى ، أَيْ: تَشْتَغِلُ، تَقُولُ: لُهِيتُ عَنِ الشَّيْءِ أُلْهَى إِذَا اشْتَغَلْتُ، وَلَيْسَ مِنَ اللَّهْوِ الَّذِي هُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ، أَمَا إِنِ الْمَعْنَى يَتَدَاخَلُ. وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْقُرَّاءِ: "تَلَهَّى" بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى حَذْفِ التَّاءِ الْوَاحِدَةِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ -فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ-: "تَلَهَّى" بِالْإِدْغَامِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ : "تَتَلَهَّى" بِتَاءَيْنِ، وَرُوِيَ عَنْهُ "تَلْهَى" بِفَتْحِ التَّاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْهَاءِ الْمَفْتُوحَةِ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أَبُو جَعْفَرٍ بْنُ الْقَعْقَاعِ: "تُلْهَى" بِضَمِّ التَّاءِ، أَيْ يُلْهِيكَ حِرْصُكَ عَلَى أُولَئِكَ الْكُفَّارِ، وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"وَمَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِهِ فَالْهُ عَنْهُ" وَقَوْلُهُ تَعَالَى
[ ص: 538 ] فِي هَاتَيْنِ: ( أَمَّا مَنْ ) ، ( وَأَمَّا مَنْ ) فَالسَّبَبُ مَا ذُكِرَ مِنْ كُفَّارِ
قُرَيْشٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْن أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ هِيَ بَعْدُ تَتَنَاوَلُ مِنْ شِرْكِهِمْ فِي هَذِهِ الْأَوْصَافِ، فَحَمَلَةُ الشَّرْعِ وَالْعِلْمِ مُخَاطِبُونَ فِي تَقْرِيبِ الضَّعِيفِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَتَقْدِيمِهِ عَلَى الشَّرِيفِ الْعَارِي مِنَ الْخَيْرِ، بِمِثْلِ مَا خُوطِبَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ.
ثُمَّ قَالَ: "كَلَّا" يَا
مُحَمَّدُ، أَيْ: لَيْسَ الْأَمْرُ فِي حَقِّهِ كَمَا فَعَلْتَ، إِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ وَالْقِرَاءَةَ الَّتِي كُنْتَ فِيهَا مَعَ ذَلِكَ الْكَافِرِ تَذْكِرَةٌ لِجَمِيعِ الْعَالِمِ، لَا يُؤَثِّرُ فِيهَا أَحَدٌ دُونَ أَحَدٍ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى إِنَّ هَذِهِ الْمَعْتَبَةَ تَذْكِرَةٌ لَكَ يَا
مُحَمَّدُ، فَفِي هَذَا التَّأْوِيلِ إِجْلَالٌ
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَأْنِيسٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=13فِي صُحُفٍ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=11إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنَّ التَّذْكِرَةَ يُرَادُ بِهَا جَمِيعَ الْقُرْآنِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَوِّلِينَ: الصُّحُفُ هُنَا اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَقِيلَ: صُحُفُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ الْمَنَزَّلَةُ، وَقِيلَ: مَصَاحِفُ الْمُسْلِمِينَ.
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي "السُّفْرَةِ" ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هُمُ الْمَلَائِكَةُ لِأَنَّهُمْ كَتَبَةٌ، يُقَالُ: سَفْرْتُ أَيْ كَتَبْتُ، وَمِنْهُ السِّفْرُ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
nindex.php?page=treesubj&link=29747_29051الْمَلَائِكَةُ سَفَرَةٌ لِأَنَّهُمْ يُسْفِرُونَ بَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ أَنْبِيَائِهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : هُمُ الْقُرَّاءُ، وَوَاحِدُ السَّفَرَةِ: سَافِرٌ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهْ : هُمُ الصَّحَابَةُ; لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُسْفِرُ إِلَى بَعْضٍ فِي الْخَبَرِ وَالتَّعْلِيمِ وَالتَّعَلُّمِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ، وَمِنَ اللَّفْظَةِ قَوْلُ الشَّاعِرِ: .
وَمَا أَدَعُ السِّفَارَةَ بَيْنَ قَوْمِي ... وَلَا أَمْشِي بِغِشٍّ إِنْ مَشِيتُ
وَ"الصُّحُفُ" -عَلَى هَذَا- صُحُفٌ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ أَوِ اللَّوْحِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ هِيَ الْمَصَاحِفُ.
[ ص: 539 ] وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=17قُتِلَ الإِنْسَانُ دُعَاءٌ عَلَى اسْمِ الْجِنْسِ، وَهُوَ عُمُومٌ يُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ، وَالْمَعْنَى: قَتْلُ الْإِنْسَانِ الْكَافِرِ، وَمَعْنَى "قُتِلَ": هُوَ أَهْلٌ أَنْ يُدْعَى عَلَيْهِ بِهَذَا، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ : "قُتِلَ" مَعْنَاهُ: لُعِنَ، وَهَذَا تَحَكُّمٌ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=17مَا أَكْفَرَهُ يُحْتَمَلُ مَعْنَى التَّعَجُّبِ، وَيُحْتَمَلُ مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ تَوْقِيفًا، أَيْ: أَيُّ شَيْءٍ أَكْفَرَهُ؟ أَيْ جَعَلَهُ كَافِرًا.
وَقِيلَ:
إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ غَاضَبَ أَبَاهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِنَّ أَبَاهُ اسْتَصْلَحَهُ وَأَعْطَاهُ مَالًا وَجَهَّزَهُ إِلَى الشَّامِ، فَبَعَثَ عُتْبَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: إِنِّي كَافِرٌ بِرَبِّ النَّجْمِ إِذَا هَوَى، فَيُرْوَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اللَّهُمَّ ابْعَثْ إِلَيْهِ كَلْبَكَ حَتَّى يَأْكُلَهُ"، وَيُرْوَى أَنَّهُ قَالَ: "مَا يَخَافُ أَنْ يُرْسِلَ اللَّهُ عَلَيْكَ كَلْبَهُ"، ثُمَّ إِنْ عُتْبَةَ خَرَجَ فِي سَفْرَةٍ فَجَاءَ الْأَسَدُ فَأَكَلَهُ بَيْنَ الرُّفْقَةِ.