تفسير سورة الماعون
وهي مكية بلا خلاف علمته، وقال : هي مدنية. الثعلبي
قوله عز وجل:
أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون
هذا توقيف وتنبيه لتذكر نفس السامع كل من يعرفه بهذه الصفة، وهمز "أرأيت" -بخلاف عنه-، ولم يهمزها أبو عمرو وغيره. و"الدين": الجزاء ثوابا وعقابا، والحساب هنا قريب من الجزاء. نافع
ثم قال تعالى: فذلك الذي يدع اليتيم أي: راقب فيه هذه الخلال السيئة تجدها، و"دع اليتيم": دفعه بعنف، وذلك إما أن يكون المعنى: عن إطعامه والإحسان إليه، وإما أن يكون: عن حقه وماله، فهذا أشد، وقرأ : "يدع" بفتح الدال خفيف، بمعنى: لا يحسن إليه، وقوله تعالى: أبو رجاء ولا يحض على طعام المسكين أي لا يأمر بصدقة، ولا يرى ذلك صوابا.
ويروى أن هذه السورة نزلت في بعض المضطرين في الإسلام بمكة الذين لم يحققوا فيه، وفتنوا فافتتنوا، وكانوا على هذا الخلق من الغشم وغلظ العشرة والفظاظة على المساكين، وربما كان بعضهم يصلي أحيانا مع المسلمين مدافعة وحيرة، فقال الله تعالى فيهم فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ، وقال : كان ابن جريج ينحر كل أسبوع جزورا فجاءه يتيم فقرعه بعصا، فنزلت السورة فيه، [ ص: 696 ] قال أبو سفيان رضي الله عنه: سعد بن أبي وقاص يريد صلى الله عليه وسلم -والله تعالى أعلم- تأخير ترك وإهمال، وإلى هذا نحا سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الذين هم عن صلاتهم ساهون، قال: "هم الذين يؤخرونها عن وقتها"، ، وقال مجاهد "ساهون"، هم التاركون لها، أو هم الغافلون الذين لا يبالي أحدهم صلى أم لم يصل، وقال قتادة : الحمد لله الذي قال "عن صلاتهم"، ولم يقل: "في صلاتهم"، وفي قراءة عطاء بن يسار : "لاهون" بدل "ساهون". ابن مسعود
وفي قوله تعالى: الذين هم يراءون بيان أن صلاة هؤلاء ليست لله تعالى بينة إيمان، وإنما هي رياء للبشر، فلا قبول لها، وقرأ ابن أبي إسحاق ، وأبو الأشهب : "يرؤن" مهموزة مقصورة مشددة الهمزة، وروى ابن أبي إسحاق : "يرؤن" بغير شد في الهمزة.
وقوله تعالى: ويمنعون الماعون وصف لهم بقلة النفع لعباد الله، وتلك شر خلة، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنهم: الماعون: الزكاة، قال الراعي: وابن عمر
قوم على الإسلام لما يمنعوا ماعونهم ويضيعوا التهليلا
[ ص: 697 ] وقال رضي الله عنه: هو ما يتعاطاه الناس بينهم كالفأس والدلو والآنية والمقص ونحوه، وقاله ابن مسعود الحسن، ، وقتادة ، وابن الحنفية ، وابن زيد ، والضحاك ، وقال وابن عباس : الماعون -بلغة ابن المسيب قريش- المال، روته وسئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما الشيء الذي لا يحل منعه؟ فقال: "الماء والنار والملح"، رضي الله عنها، وفي بعض الطرق زيادة " "والإبرة والخمير"، وحكى عائشة عن بعض الفراء العرب أن الماعون الماء، وقال : ابن مسعود كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عارية القدر والدلو ونحوها.
كمل تفسير سورة [الماعون] والحمد لله رب العالمين.