إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون
قال بعض الرواة، منهم ابن أبزى ، وابن جبير ، والسدي : سبب نزول هذه الآية أن ومجاهد أنفق في غزوة أبا سفيان أحد على الأحابيش وغيرهم أربعين أوقية من الذهب أو نحو هذا، وأن الآية نزلت في ذلك. وقال ، ابن شهاب ومحمد بن يحيى بن حيان وعاصم بن عمر بن قتادة ، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ : إنه لما قتل من قتل ببدر اجتمع أبناؤهم وقرابتهم وقالوا لمن خلص ماله في العير: إن محمدا قد نال منا ما ترون، ولكن أعينوننا بهذا المال الذي كان سبب الواقعة، فلعلنا أن ننال منه ثأرا، ففعلوا فنزلت الآية في ذلك.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
وعلى القولين فإنما أنفق المال في غزوة أحد، فأخبر الله تعالى في هذه الآية خبرا لفظه عام في الكفار، والإشارة به إلى مخصوصين أنهم ينفقون أموالهم يقصدون بذلك الصد عن سبيل الله والدفع في صدر الإسلام، ثم أخبر خبرا يخص المشار إليهم أنهم ينفقونها ثم تكون عليهم حسرة، إذ لا تتم لهم إرادة ويذهب المال باطلا، والحسرة: التلهف على الفائت، ويحتمل أن تكون الحسرة في يوم القيامة، والأول أظهر وإن كانت حسرة القيامة راتبة عليهم، وهذا من إخبار القرآن بالغيوب لأنه أخبر بما يكون قبل أن يكون، فكان كما أخبر، قال بين الله عز وجل أنهم يغلبون قبل أن يقاتلوا بسنة، حكاه ابن سلام: . الزهراوي
ثم أخبر تعالى عن الكافرين أنهم يجمعون إلى جهنم، والحشر: جمع الناس والبهائم إلى غير ذلك مما يجمع ويحضر، ومنه قوله تبارك وتعالى: وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ، ومنه في التفسير أن السلوى طائر كانت الجنوب تحشره على بني إسرائيل ، والقوم الذين جلبهم وأنفق المال عليهم هم أبو سفيان الأحابيش من كنانة ، ولهم يقول : كعب بن مالك
[ ص: 187 ]
وجئنا إلى موج من البحر وسطه ... أحابيش منهم حاسر ومقنع
ثلاثة آلاف ونحن نصية
... ثلاث مئين إن كثرن فأربع
وقال وغيره: إن هذه الآية نزلت في نفقة المشركين الخارجين إلى الضحاك بدر الذين كانوا يذبحون يوما عشرا ويوما تسعا من الإبل، وحكى نحو هذا . النقاش