قوله عز وجل:
ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين
قالت جماعة من أهل التأويل: هذه المقالة هي من يوسف عليه السلام، أي: ذلك ليعلم العزيز سيدي أني لم أخنه في أهله وهو غائب، وليعلم أيضا أن الله تعالى لا يهدي كيد خائن ولا يرشد سعيه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله:
والهدى للكيد مستعار، بمعنى: لا يكلمه ولا يمضيه على طريق إصابة، ورب كيد مهدي إذا كان من تقي في مصلحة.
واختلفت هذه الجماعة فقال : هذه المقالة من ابن جريج يوسف عليه السلام هي متصلة بقوله للرسول: إن ربي بكيدهن عليم وفي الكلام تقديم وتأخير؛ فالإشارة بقوله: "ذلك" -على هذا التأويل- هي إلى بقائه في السجن والتماسه البراءة، أي: هذا ليعلم سيدي أني لم أخنه، وقال بعضهم: إنما قال يوسف هذه المقالة حين قالت امرأة العزيز كلامها إلى قولها: وإنه لمن الصادقين ، فالإشارة -على هذا- إلى إقرارها وصنيع الله تعالى فيه. وهذا يضعف؛ لأنه يقتضي حضوره مع النسوة عند الملك، وبعد هذا يقول الملك: ائتوني به .
[ ص: 105 ] وقالت فرقة من أهل التأويل: هذه الآية من قول امرأة العزيز، وكلامها متصل، أي: قولي هذا وإقراري ليعلم يوسف أني لم أخنه في غيبته، بأن أكذب عليه أو أرميه بذنب هو بريء منه، والتقدير -على هذا التأويل-: توبتي وإقراري ليعلم أني لم أخنه وأن الله لا يهدي ... وعلى أن الكلام من يوسف يجيء التقدير: وليعلم أن الله لا يهدي كيد الخائنين.