قوله عز وجل:
ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا
أي: نحن في ذلك النزع لا نضع شيئا غير موضعه; لأننا قد أحطنا علما بكل أحد، فالأولى بصلي النار نعرفه، و "الصلي" مصدر صلي يصلى إذا باشره. قال : المعنى: أولى بالخلود. ابن جريج
وقوله تعالى: وإن منكم إلا واردها حتم، والواو تقتضيه، ويفسره قول النبي صلى الله عليه وسلم: . وقرأ من مات له ثلاث من الولد لم تمسه النار إلا تحلة القسم رضي الله عنهما، عبد الله بن عباس ، وجماعة: "وإن منهم" بالهاء، على إرادة الكفار. وعكرمة
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
فلا شغب في هذه القراءة.
وقالت فرقة من الجمهور القارئين "منكم": المعنى: قل لهم يا محمد ، فإنما المخاطب بـ "منكم" الكفرة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
وتأويل هؤلاء أيضا سهل التناول.
وقال الأكثر: المخاطب العالم كله، ولا بد من ورود الجميع، واختلفوا في كيفية [ ص: 57 ] ورود المؤمنين - فقال ، عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عباس وخالد بن معدان ، ، وغيرهم: ورود دخول، لكنها لا تعدو على المؤمنين، ثم يخرجهم الله منها بعد معرفتهم بحقيقة ما نجوا منه. وروي عن وابن جريج رضي الله عنه أنه قال في هذه المسألة ابن عباس لنافع بن الأزرق الخارجي : أما أنا وأنت فلا بد أن نردها، فأما أنا فينجيني الله منها، وأما أنت فما أظنه ينجيك ، وقالوا: في القرآن أربعة أوراد معناها الدخول، هذا أحدها، وقوله تعالى: يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار ، وقوله تعالى: ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ، وقوله سبحانه: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ، وقالوا: كان من دعاء بعض السلف: "اللهم أدخلني النار سالما، وأخرجني منها غانما". وروى جابر بن عبد الله . وأشفق كثير من العلماء من تحقق الورود والجهل بالصدور. عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الورود في هذه الآية هو الدخول
وقالت فرقة: بل هو ورود إشراف واطلاع وقرب، كما تقول: وردت الماء إذا جئته، وليس يلزم أن تدخل فيه، قالوا: وحسب المؤمنين بهذا هولا، ومنه قوله تعالى: ولما ورد ماء مدين .
[ ص: 58 ] وروت فرقة أن الله تعالى يجعل يوم القيامة النار جامدة الأعلى كأنها هالة، فيأتي الخلق كلهم برهم وفاجرهم، فيقفون عليها، ثم تسوخ بأهلها، ويخرج المؤمنون الفائزون ولم ينلهم ضر، فقالوا: هذا هو الورود.
وروت رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حفصة بدر والحديبية "، فقالت: فقلت: يا رسول الله، وأين قول الله تعالى: وإن منكم إلا واردها ؟، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فمه، ثم ننجي الذين اتقوا ، ورجح لا يدخل النار أحد من أهل هذا القول بقوله تعالى: الزجاج إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون .
وذكر عن بعضهم أنه قال: نسخ قوله تعالى: النقاش وإن منكم إلا واردها بقوله: إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
وهذا ضعيف، وليس هذا موضع نسخ.
وقال رضي الله عنه: ورودهم هو جوازهم على الصراط، وذلك أن الحديث الصحيح تضمن أن عبد الله بن مسعود وكالجواد من الخيل، على مراتب، ثم الصراط مضروب على جسر جهنم، فيمر الناس كالبرق الخاطف، وكالريح، قالوا: يسقط الكافر في جهنم وتأخذهم كلاليب، الذي تضمنته هذه الآية. فالجواز على الصراط هو الورود
وقال : ورود المؤمنين هو الحمى التي تصيبهم في دار الدنيا، وفي الحديث مجاهد ، وفي الحديث أيضا الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء ، وروى الحمى حظ كل [ ص: 59 ] مؤمن من النار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل مريض عاده من الحمى: أبو هريرة فهذا هو الورود. إن الله يقول: هي ناري أسلطها على عبدي المؤمن لتكون حظه من نار الآخرة
و "الحتم": الأمر المنفذ المجذوم، وقرأ ، أبي بن كعب رضي الله عنهما: "ثم" بفتح الثاء على الظرف، وقرأ وعبد الله بن عباس : "ثمة" بفتح الثاء وهاء السكت، وقرأ ابن أبي ليلى نافع ، وجمهور من الناس: "ننجي" بفتح النون الثانية وشد الجيم، وقرأ وابن كثير يحيى، : "ننجي" بسكون النون الثانية وتخفيف الجيم، وقرأت فرقة: "نجي" بضم النون واحدة وشد جيم ، وقرأ والأعمش رضي الله عنه: "ثم" بفتح الثاء "نحي" بالحاء غير منقوطة. علي بن أبي طالب
و الذين اتقوا معناه: اتقوا الكفر. وقال بعض العلماء: لا يضيع أحد بين الإيمان والشفاعة. و "نذر" دالة على أنهم كانوا فيها، و "الظلم" هنا هو ظلم الكفر. وقد تقدم القول في قوله: " جثيا " ، وقرأ رضي الله عنهما: "ثم ننجي الذين اتقوا منها ونترك الظالمين" . ابن عباس