باب الجعالة بتثليث الجيم . ذكره
ابن مالك : مشتقة من الجعل . بمعنى التسمية ; لأن الجاعل يسمي الجعل للعامل . أو من الجعل بمعنى الإيجاب . يقال : جعلت له كذا أي : أوجبت ، ويسمى ما يعطاه الإنسان على أمر يفعله : جعلا وجعالة وجعيلة . قاله
ابن فارس . ويدل لمشروعيتها قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=72 : ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم } وحديث اللديغ . ولدعاء الحاجة إليها وهي شرعا ( جعل ) أي : تسمية ( مال معلوم ) فلا يصح : من رد عبدي فله نصفه ونحوه ( لا ) إن كان ( من مال محارب ) أي : حربي
[ ص: 373 ] ( فيصح مجهولا ) كما تقدم في الجهاد ( لمن يعمل ) متعلق بجعل ( له ) أي الجاعل ( عملا ) مباحا ، بخلاف نحو زمر وزنا ، ( ولو ) كان العمل ( مجهولا ) كمن خاط لي هذا الثوب ونحوه فله كذا ( أو ) لمن يعمل له ( مدة ولو مجهولة ) كمن حرس زرعي . أو أذن في هذا المسجد فله في كل شهر كذا . و ( كمن رد لقطتي أو بنى لي هذا الحائط أو ) من ( أقرضني زيد بجاهه ألفا . أو أذن بهذا المسجد شهرا . فله كذا . أو من فعله من مديني ) أي : ممن لي عليه دين ( فهو بريء من كذا ) ; لأن
nindex.php?page=treesubj&link=6728_6725_6809الجعالة جائزة لكل منهما فسخها فلا يؤدي إلى أن يلزمه مجهول ، والجعالة نوع إجارة لوقوع العوض في نظير النفع ، وتتميز بكون العامل لم يلتزم العمل ، وكون العقد قد يقع مبهما لا مع معين ، وبجواز الجمع فيها بين تقدير المدة والعمل بخلاف الإجارة . وصح ما ذكر مع كونه تعليقا . لأنه في معنى المعاوضة . لا تعليق محض ولذلك اشترط في الجعل أن يكون معلوما إن لم يكن من مال حربي . لأنه يستقر بتمام العمل كالأجرة ، وإنما صحت في قوله : من أقرضني زيد بجاهه ألفا . لأن الجعل في مقابلة ما بذله من جاهه من غير تعلق له بالقرض ، واشتراط كون العمل للجاعل احتراز عمن ركب دابته ونحوه فله كذا . فلا يصح لئلا يجتمع له الأمران ( فمن
nindex.php?page=treesubj&link=6793بلغه ) الجعل ( قبل فعله ) أي : العمل المجعول له عليه ذلك العوض ( استحقه ) أي الجعل ( به ) أي : العمل بعده لاستقراره بتمام العمل كالربح في المضاربة . فإن تلف فله مثل مثله وقيمة غيره ، ولا يحبس العامل العين حتى يأخذه ( و ) من بلغه الجعل ( في أثنائه ) أي : العمل ( ف ) له من الجعل ( حصة تمامه ) أي : بقسط ما عمله بعد بلوغه ( إن أتمه بنية الجعل ) ; لأن عمله قبل بلوغه غير مأذون فيه . فلا يستحق عنه عوضا لتبرعه به .
( و ) من بلغه ( بعده ) أي : بعد تمام العمل ( لم يستحقه ) أي : الجعل ولا شيئا منه لما سبق ( وحرم ) عليه ( أخذه ) إلا إن تبرع له به ربه بعد إعلامه بالحال ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=6873اشترك جماعة في العمل اشتركوا في الجعل بخلاف من دخل هذا النقب فله دينار . فكل من دخله استحق دينارا لدخوله كاملا . بخلاف نحو رد لقطة فلم يفعله واحد منهم كاملا . كما لو قال من نقب السور فله دينار فنقبه ثلاثة اشتركوا في الدينار ، وإن نقب كل واحد نقبا استحق كل واحد دينارا ، وإن جعل لزيد على رد آبقه دينارا ، ولعمرو على رده دينارين ، ولبكر ثلاثة .
[ ص: 374 ] فردوه فلكل ثلث ما جعل له ، وإن جعل لزيد على رده معلوما ولآخرين مجهولا وردوه فلزيد ثلث ما جعل له ، وللآخرين أجرة عملهما ، وإن جعل لزيد على رده معلوما فرده هو وآخران معه . فإن قصدا إعانة زيد استحق زيد الجعل كله ، فإن عمل غيره بقصد الجعل فلا شيء له ، ولزيد ثلث جعله ، وإن قال : من داوى لي هذا حتى يبرأ من جرحه أو رمده فله كذا . لم يصح مطلقا
بَابُ الْجَعَالَةِ بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ . ذَكَرَهُ
ابْنُ مَالِكٍ : مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْجُعْلِ . بِمَعْنَى التَّسْمِيَةِ ; لِأَنَّ الْجَاعِلَ يُسَمِّي الْجُعْلَ لِلْعَامِلِ . أَوْ مِنْ الْجَعْلِ بِمَعْنَى الْإِيجَابِ . يُقَالُ : جَعَلْتُ لَهُ كَذَا أَيْ : أَوْجَبْتُ ، وَيُسَمَّى مَا يُعْطَاهُ الْإِنْسَانُ عَلَى أَمْرٍ يَفْعَلُهُ : جُعْلًا وَجَعَالَةً وَجَعِيلَةً . قَالَهُ
ابْنُ فَارِسٍ . وَيَدُلُّ لِمَشْرُوعِيَّتِهَا قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=72 : وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ } وَحَدِيثُ اللَّدِيغِ . وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَهِيَ شَرْعًا ( جَعْلُ ) أَيْ : تَسْمِيَةُ ( مَالٍ مَعْلُومٍ ) فَلَا يَصِحُّ : مَنْ رَدَّ عَبْدِي فَلَهُ نِصْفُهُ وَنَحْوُهُ ( لَا ) إنْ كَانَ ( مِنْ مَالِ مُحَارِبٍ ) أَيْ : حَرْبِيٍّ
[ ص: 373 ] ( فَيَصِحُّ مَجْهُولًا ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ ( لِمَنْ يَعْمَلُ ) مُتَعَلِّقٌ بِجَعْلٍ ( لَهُ ) أَيْ الْجَاعِلِ ( عَمَلًا ) مُبَاحًا ، بِخِلَافِ نَحْوِ زَمْرٍ وَزِنًا ، ( وَلَوْ ) كَانَ الْعَمَلُ ( مَجْهُولًا ) كَمَنْ خَاطَ لِي هَذَا الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ فَلَهُ كَذَا ( أَوْ ) لِمَنْ يَعْمَلُ لَهُ ( مُدَّةً وَلَوْ مَجْهُولَةً ) كَمَنْ حَرَسَ زَرْعِي . أَوْ أَذَّنَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَلَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا . وَ ( كَمَنْ رَدَّ لُقَطَتِي أَوْ بَنَى لِي هَذَا الْحَائِطَ أَوْ ) مَنْ ( أَقْرَضَنِي زِيدَ بِجَاهِهِ أَلْفًا . أَوْ أَذَّنَ بِهَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا . فَلَهُ كَذَا . أَوْ مَنْ فَعَلَهُ مِنْ مَدِينِي ) أَيْ : مِمَّنْ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ ( فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ كَذَا ) ; لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=6728_6725_6809الْجِعَالَةَ جَائِزَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهَا فَلَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَلْزَمَهُ مَجْهُولٌ ، وَالْجِعَالَةُ نَوْعُ إجَارَةٍ لِوُقُوعِ الْعِوَضِ فِي نَظِيرِ النَّفْعِ ، وَتَتَمَيَّزُ بِكَوْنِ الْعَامِلِ لَمْ يَلْتَزِمْ الْعَمَلَ ، وَكَوْنِ الْعَقْدِ قَدْ يَقَعُ مُبْهَمًا لَا مَعَ مُعَيَّنٍ ، وَبِجَوَازِ الْجَمْعِ فِيهَا بَيْنَ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْعَمَلِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ . وَصَحَّ مَا ذَكَرَ مَعَ كَوْنِهِ تَعْلِيقًا . لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ . لَا تَعْلِيقَ مَحْضٍ وَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِي الْجُعْلِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ . لِأَنَّهُ يَسْتَقِرُّ بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَالْأُجْرَةِ ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ فِي قَوْلِهِ : مَنْ أَقْرَضَنِي زِيدَ بِجَاهِهِ أَلْفًا . لِأَنَّ الْجُعْلَ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَهُ مِنْ جَاهِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَلُّقٍ لَهُ بِالْقَرْضِ ، وَاشْتِرَاطُ كَوْنِ الْعَمَلِ لِلْجَاعِلِ احْتِرَازٌ عَمَّنْ رَكِبَ دَابَّتَهُ وَنَحْوَهُ فَلَهُ كَذَا . فَلَا يَصِحُّ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ لَهُ الْأَمْرَانِ ( فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=6793بَلَغَهُ ) الْجُعْلُ ( قَبْلَ فِعْلِهِ ) أَيْ : الْعَمَلِ الْمَجْعُولِ لَهُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعِوَضُ ( اسْتَحَقَّهُ ) أَيْ الْجُعْلَ ( بِهِ ) أَيْ : الْعَمَلِ بَعْدَهُ لِاسْتِقْرَارِهِ بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَالرِّبْحِ فِي الْمُضَارَبَةِ . فَإِنْ تَلِفَ فَلَهُ مِثْلُ مِثْلِهِ وَقِيمَةُ غَيْرِهِ ، وَلَا يَحْبِسُ الْعَامِلُ الْعَيْنَ حَتَّى يَأْخُذَهُ ( وَ ) مَنْ بَلَغَهُ الْجَعْلُ ( فِي أَثْنَائِهِ ) أَيْ : الْعَمَلِ ( فَ ) لَهُ مِنْ الْجُعْلِ ( حِصَّةُ تَمَامِهِ ) أَيْ : بِقِسْطِ مَا عَمِلَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ ( إنْ أَتَمَّهُ بِنِيَّةِ الْجُعْلِ ) ; لِأَنَّ عَمَلَهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ . فَلَا يَسْتَحِقُّ عَنْهُ عِوَضًا لِتَبَرُّعِهِ بِهِ .
( وَ ) مَنْ بَلَغَهُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ : بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ ( لَمْ يَسْتَحِقَّهُ ) أَيْ : الْجُعْلَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ لِمَا سَبَقَ ( وَحُرِّمَ ) عَلَيْهِ ( أَخْذُهُ ) إلَّا إنْ تَبَرَّعَ لَهُ بِهِ رَبُّهُ بَعْدَ إعْلَامِهِ بِالْحَالِ ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=6873اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي الْعَمَلِ اشْتَرَكُوا فِي الْجَعْلِ بِخِلَافِ مَنْ دَخَلَ هَذَا النَّقْبَ فَلَهُ دِينَارٌ . فَكُلُّ مَنْ دَخَلَهُ اسْتَحَقَّ دِينَارًا لِدُخُولِهِ كَامِلَا . بِخِلَافِ نَحْوِ رَدِّ لُقَطَةٍ فَلَمْ يَفْعَلْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ كَامِلًا . كَمَا لَوْ قَالَ مَنْ نَقَبَ السُّوَرَ فَلَهُ دِينَارٌ فَنَقَبَهُ ثَلَاثَةٌ اشْتَرَكُوا فِي الدِّينَارِ ، وَإِنْ نَقَبَ كُلُّ وَاحِدٍ نَقْبًا اسْتَحَقَّ كُلُّ وَاحِدٍ دِينَارًا ، وَإِنْ جَعَلَ لِزَيْدٍ عَلَى رَدِّ آبِقِهِ دِينَارًا ، وَلِعَمْرٍو عَلَى رَدِّهِ دِينَارَيْنِ ، وَلِبَكْرٍ ثَلَاثَةً .
[ ص: 374 ] فَرَدُّوهُ فَلِكُلٍّ ثُلُثُ مَا جُعِلَ لَهُ ، وَإِنْ جَعَلَ لِزَيْدٍ عَلَى رَدِّهِ مَعْلُومًا وَلِآخَرَيْنِ مَجْهُولًا وَرَدُّوهُ فَلِزَيْدٍ ثُلُثُ مَا جَعَلَ لَهُ ، وَلِلْآخَرَيْنِ أُجْرَةُ عَمَلِهِمَا ، وَإِنْ جَعَلَ لِزَيْدٍ عَلَى رَدِّهِ مَعْلُومًا فَرَدَّهُ هُوَ وَآخَرَانِ مَعَهُ . فَإِنْ قَصَدَا إعَانَةَ زَيْدٍ اسْتَحَقَّ زَيْدٌ الْجُعْلَ كُلَّهُ ، فَإِنْ عَمِلَ غَيْرُهُ بِقَصْدِ الْجُعْلِ فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَلِزَيْدٍ ثُلُثُ جُعْلِهِ ، وَإِنْ قَالَ : مَنْ دَاوَى لِي هَذَا حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ جُرْحِهِ أَوْ رَمَدِهِ فَلَهُ كَذَا . لَمْ يَصِحَّ مُطْلَقًا