ولما كان هذا عيبا وكان علمه مستلزما لعلم الشهادة، وكان [ ص: 289 ] للتصريح مزية لا تخفى، صرح به على وجه كلي يعم تلك الجزيئات وغيرها فقال: عالم الغيب وهو ما غاب عن كل مخلوق والشهادة قال : الغيب: كون الشيء بحيث يخفى عن الحس، والشهادة: كونه بحيث يظهر له. الرماني
ولما كان العلم والحكمة لا يتمان إلا بكمال القدرة والعظمة قال: الكبير [أي] الذي يتضاءل عنده كل ما فيه صفات تقتضي الكبر، قال الإمام : والكبر: ظهور التفاوت في ظاهر وباهر القدر الذي لا يحتاج إلى فكر، ولذلك كان فطرة للخلق أن الله أكبر، ولما كان لا ظاهر قدر للخلق لما عليهم من بادي الضروريات والحاجات المعلنة بصغير بالقدر، ومن حاول منهم أن يكبر بسطوة أو تسلط وفساد زاد صغار قدره بما اكتسب في أعين أرباب البصائر في الدنيا، ويبدو ذلك منه لعيون جميع الخلق في الأخرى " أبو الحسن الحرالي " فلذلك اختصاص معنى أنه لا كبير إلا الله - انتهى. يحشر المتكبرون يوم القيامة كأمثال الذر يطؤهم الناس بأقدامهم المتعال [أي] الذي لا يدنو - من أوج علوه في ذات أو صفة أو فعل - عال، وأخرجه مخرج التفاعل ليكون أدل على المعنى وأبلغ فيه; وقال [ ص: 290 ] رحمه الله: والتعالي: فوت التناول والمنال بحكم أو حجة، وأشعر التفاعل بما يجري من توهم المحتجين في أمره بأوهام حجج داحضة أبو الحسن الحرالي حجتهم داحضة عند ربهم فهو تعالى يأذن في الاحتجاج والجدال ثم يتعالى بما له من الحجة البالغة [ قل فلله الحجة البالغة ] فهو المتعالي علما وحكما وحجة، وحقيقة المتعالي الذي لا يتعالى إلا هو - انتهى. والحاصل أنه لما وصف نفسه مما تقدم، أشار إلى [أن] ذلك على ما تحتمله [العقول] وأن الحق في وصفه الكبر المطلق والتعالي المطلق، لأن العقول لا تحتمل أكثر من ذلك.