[ ص: 111 ] سورة الحجر:
أقول: تقدمت الأوجه في اقترانها بالسورة السابقة; وإنما أخرت عنها لقصرها بالنسبة إليها، وهذا القسم من سور القرآن للمئين، فناسب تقديم الأطول، مع مناسبة ما ختمت به لبراعة الختام وهو قوله: واعبد ربك حتى يأتيك اليقين "99"، فإنه مفسر بالموت، وذلك مقطع في غاية البراعة.
وقد وقع ذلك في أواخر السور المقترنة، ففي آخر آل عمران: واتقوا الله لعلكم تفلحون "آل عمران: 200"، وفي آخر الطواسين: كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون "القصص: 88"، وفي آخر ذوات " الر " : وانتظر إنهم منتظرون "السجدة: 30"، وفي آخر الحواميم: كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ "الأحقاف: 35".
ثم ظهر لي وجه اتصال أول هذه السورة بآخر سورة إبراهيم; فإنه تعالى لما قال هناك في وصف يوم القيامة: وبرزوا لله الواحد القهار وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار "إبراهيم: 48-50"، قال هنا: ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين "2" فأخبر أن المجرمين المذكورين إذا طال مكثهم في النار، ورأوا عصاة المؤمنين الموحدين قد أخرجوا منها تمنوا أن لو كانوا في الدنيا مسلمين، وذلك وجه حسن في الربط، مع اختتام آخر تلك بوصف الكتاب، وافتتاح هذه به، وذلك من تشابه الأطراف.