( فصل ) [ ص: 475 ]
( قال رحمه الله : أبو حنيفة أشهره في السوق ولا أعزره . وقالا : نوجعه ضربا ونحبسه ) وهو قول شاهد الزور رحمه الله . لهما ما روي عن الشافعي رضي الله عنه أنه ضرب شاهد الزور أربعين سوطا وسخم وجهه [ ص: 476 ] ولأن هذه كبيرة يتعدى ضررها إلى العباد وليس فيها حد مقدر فيعزر . وله أن عمر كان يشهر ولا يضرب ، ولأن الانزجار يحصل بالتشهير فيكتفي به ، والضرب وإن كان مبالغة في الزجر ولكنه يقع مانعا عن الرجوع فوجب التخفيف نظرا إلى هذا الوجه . شريحا
وحديث رضي الله عنه محمول على السياسة بدلالة التبليغ إلى الأربعين والتسخيم [ ص: 477 ] ثم تفسير التشهير منقول عن عمر رحمه الله ، فإنه كان يبعثه إلى سوقه إن كان سوقيا ، وإلى قومه إن كان غير سوقي بعد العصر أجمع ما كانوا ، ويقول : إن شريح يقرئكم السلام ويقول : إنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وحذروا الناس منه . وذكر شريحا شمس الأئمة السرخسي رحمه الله أنه يشهر عندهما أيضا .
والتعزير والحبس على قدر ما يراه القاضي عندهما ، وكيفية التعزير ذكرناه في الحدود ( وفي الجامع الصغير : شاهدان أقرا أنهما شهدا بزور لم يضربا وقالا يعزران ) وفائدته أن شاهد الزور في حق ما ذكرنا من الحكم هو المقر على نفسه بذلك ، فأما لا طريق إلى إثبات ذلك بالبينة لأنه نفي للشهادة والبينات للإثبات ، والله أعلم .