ولا بد في النية من الجزم فلو فكما مر في الوضوء أو بغيرها فهو ما أشار إليه بقوله ( ولو نوى ليلة الثلاثين من شعبان صوم غد عن رمضان إن كان منه ) وصامه ( فكان منه لم يقع عنه ) سواء أقال معه وإلا فأنا مفطر أم متطوع أم لا فلا يجزيه لأن الأصل عدم دخوله ولأنه صام شاكا ولم يعتمد سببا ، ومثل ذلك ما لو لم يأت بإن الدالة على التردد فلا يصح أيضا ، والجزم فيه حديث نفس لا اعتبار به إذ لم ينشأ عما يأتي به من الجزم [ ص: 162 ] حقيقة ( إلا إذا اعتقد ) أي ظن ( كونه منه بقول من يثق به من عبد أو امرأة ) أو فاسق ( أو صبيان رشداء ) أي مختبرين بالصدق إذ غلبة الظن هنا كاليقين ، كما في أوقات الصلوات فتصح النية المبنية عليه ، حتى لو تبين ليلا كون غد من رمضان لم يحتج إلى نية أخرى علقها بالمشيئة غير معتبر ، ففي المجموع وغيره واعتمده وجمع الصبيان السبكي وغيره أجزأه لأنه نواه بظن وصادفه فأشبه البينة . نعم لو قال مع الإخبار المار صوم غدا عن رمضان إن كان منه وإلا فتطوع فبان منه صح كما اعتمده لو أخبره بالرؤية من يثق به من حر أو عبد أو امرأة أو فاسق أو مراهق ونوى صوم رمضان فبان منه الإسنوي والوالد رحمهما الله تعالى ، خلافا لابن المقري لأن النية معنى قائم بالقلب والتردد حاصل فيه وإن لم يذكره ، وقصده للصوم إنما هو بتقدير كونه من رمضان فصار كالتردد في القلب بعد حكم الحاكم ، وذكر الزركشي نحوه وهو الموافق لما حكاه عن الإمام عن طوائف وكلامه مصرح به ، ولا نقل يعارضه إلا دعواه أنه ظاهر النص وليس كما قال وسيأتي الفرق بين هذا وبين يوم الشك . قال في المجموع : صح صومه نفلا لأن الأصل بقاؤه صرح به ولو قال ليلة الثلاثين من شعبان أصوم غدا نفلا إن كان منه وإلا فمن رمضان ولم يكن ثم أمارة فبان من شعبان المتولي وغيره أي وهو ممن يحل له صومه ، وإن بان من رمضان لم يصح صومه فرضا ولا نفلا ( إن كان من رمضان أجزأه إن كان منه ) عملا بالاستصحاب ولأن ولو نوى ليلة الثلاثين من رمضان صوم غد مضر ما لم يكن تصريحا بمقتضى الحال ، أو استند إلى أصل وله الاعتماد في نيته على حكم الحاكم ولو بشهادة عدل ولا أثر لتردد يبقى بعد حكمه وبذلك علم رد ما جرى عليه في الإسعاد ، وتبعه تعليق النية الشمس الجوجري من جعل حكمه مفيدا للجزم .